بَيَانُ حَقٍّ بِدَلِيل؛ بَل إنَّمَا فِيهِ دَفْعُ الْبِدَعِ بِبَيَانِ تَنَاقُضِهَا، وَيَجْعَلُ أَهْلَهُ مِن جِنْسِ خُفَرَاءِ الْحَجِيجِ، وَيَجْعَلُ عِلْمَ الْفِقْهِ لَيْسَ غَايَتُهُ إلَّا مَصْلَحَةَ الدُّنْيَا، وَهَذَا مِمَّا نَازَعَهُ فِيهِ أَكْثَرُ النَّاسِ وَتَكَلَّمُوا فِيهِ بِكَلَامِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ، كَمَا تَكَلَّمُوا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْكِتَاب (جَوَاهِرِ الْقُرْآنِ) وَغَيْوِهِ مِن كُتُبِهِ مِن مَعَانِي الْفَلْسَفَةِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ هُوَ بَاطِنَ الْقُرْآَنِ، وَكَلَامُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَدِّ هَذَا أَكْثَرُ مِن كَلَامِهِمْ عَلَى رَدِّ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا فِيهِ مِمَّا يُنَاقِضُ مَقْصُودَ الرَّسُولِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ، كَمَا تَكَلَّمُوا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي النَّبُوَّةِ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْفَلَاسِفَةِ فِيهَا.
وَأَمَّا جَعْلُ عِلْمِ الْفِقْهِ خَارِجًا عَن الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَجَعْلُ عِلْمِ الْأَدِلَّةِ وَالْحِجَجِ خَارِجًا عَن الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَهَذَا مَرْدُودٌ عِنْدَ جَمَاهِيرَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. [١٧/ ١٢١]
٥٢٩٤ - ابْنُ قُتَيْبَةَ هُوَ مِن الْمُنْتَسِبِينَ إلَى أَحْمَد وَإِسْحَاقَ، وَالْمُنْتَصِرِينَ لِمَذَاهِبِ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ.
قَالَ فِيهِ صَاحِبُ كِتَابِ "التَّحْدِيثِ بِمَنَاقِبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ": وَهُوَ أَحَدُ أَعْلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَالْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ، أَجْوَدُهُم تَصْنِيفًا، وَأَحْسَنُهُم تَرْصِيفًا، لَهُ زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةِ مُصَنَّفٍ، وَكَانَ يَمِيلُ إلَى مَذْهَبِ أَحْمَد وَإِسْحَاقَ، وَكَانَ مُعَاصِرًا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِي، وَكَانَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ يُعَظِّمُونَهُ وَيَقُوُلونَ: مَنْ اسْتَجَازَ الْوَقِيعَةَ فِي ابْنِ قُتَيْبَةَ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ، وَيَقُولُونَ: كُلُّ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِن تَصْنِيفِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
قُلْت: وَيُقَالُ هُوَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ مِثْل الْجَاحِظِ لِلْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّهُ خَطِيبُ السُّنَّةِ، كَمَا أَنَّ الْجَاحِظَ خَطِيبُ الْمُعْتَزِلَةِ. [١٧/ ٣٩١ - ٣٩٢]
٥٢٩٥ - أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَصبهاني صَاحِبُ كِتَابِ "حِلْيَةِ الْأَوْليَاءِ" "وَتَارِيخِ أصبهان" "وَالْمُسْتَخْرَجِ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ". وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن الْمُصَنَّفَاتِ: مِن أَكْبَرِ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَمِن أَكْثَرِهِمْ تَصْنِيفَاتٍ، وَمِمَّن انْتَفَعَ النَّاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute