٥٣٠٥ - كَانَ طَائِفَةٌ مِن أَئِمَّةِ الْمُصَنِّفِينَ لِلسُّنَنِ عَلَى الْأَبْوَابِ إذَا جَمَعُوا فِيهَا أَصْنَافَ الْعِلْمِ: ابْتَدَأَهَا بِأصْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، كَمَا ابْتَدَأَ الْبُخَارِيُّ صَحِيحَهُ بِبَدْءِ الْوَحْيِ وَنزُولهِ، فَأَخْبَرَ عَن صِفَةِ نُزُولِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ عَلَى الرَّسُولِ أَوَّلًا، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِكِتَابِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ، ثُمَّ بِكِتَابِ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ مَعْرِفَةُ مَا جَاءَ بِهِ، فَرَتَّبهُ التَّرْييبَ الْحَقِيقِيَّ.
وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدارمي صَاحِبُ "الْمُسْنَدِ": ابْتَدَأَ كِتَابَهُ بِدَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ طَرَفًا صَالِحًا.
وَهَذَانِ الرَّجُلَانِ: أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِن مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِي وَنَحْوِهِمَا؛ وَلهَذَا كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُعَظِّمُ هَذَيْنِ وَنَحْوَهُمَا؛ لِأنَّهُم فُقَهَاءُ فِي الْحَدِيثِ أُصُولًا وَفُرُوعًا. [٢/ ٤]
٥٣٠٦ - أَبُو مُحَمَّدٍ (١) مَعَ كَثْرَةِ عِلْمِهِ وَتَبَحُّرِهِ وَمَا يَأْتِي بِهِ مِن الْفَوَائِدِ الْعَظِيمَةِ: لَهُ مِن الْأَقْوَالِ الْمُنْكَرَةِ الشَّاذَّةِ مَا يُعْجَبُ مِنْهُ، كَمَا يُعْجَبُ مِمَّا يَأْتِي بِهِ مِن الْأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ الْفَائِقَةِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: إنَّ مَرْيَمَ نَبِيَّة وَإِنَّ آسِيَةَ نَبِيَّةٌ وَإِنَّ أَمْ مُوسَى نَبِيَّةٌ.
وَقَد ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَأَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُم الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي النِّسَاءِ نَبِيِّهُ، وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّة دَلَّا عَلَى ذَلِكَ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: ١٠٩]. [٤/ ٣٩٦]
٥٣٠٧ - اَلَّذِي رَجَّحَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَوْضِعِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ -رضي الله عنهما- هُوَ مَا ذَكَرَة الزُّبَيْرُ بْنُ بكار فِي كِتَابِ "أَنْسَابِ قُرَيْشٍ"، وَالزُّبَيْرُ بْنُ بكار هُوَ مِن أَعْلَمِ النَّاسِ وَأَوْثَقِهِم فِي مِثْل هَذَا ذَكَرَ أنَّ الرَّأسَ حُمِلَ إلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ وَدُفِنَ هُنَاكَ.
وَالزُّبَيْرُ أَعْلَمُ أَهْلِ النَّسَبِ، وَأَفْضَلُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا السَّبَبِ. [٤/ ٥٠٩]
٥٣٠٨ - الْحَافِظُ أَبُو بَكرٍ البيهقي، مَعَ تَوَلِّيهِ لِلْمُتَكَلِّمِينَ مِن أَصْحَابِ أبِي
(١) ابن حزم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute