الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَذَبِّهِ عَنْهُمْ: قَالَ فِي كِتَابِهِ "الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ": بَابُ مَا جَاءَ فِي إثْبَاتِ الْيَدَيْنِ صِفَتَيْنِ -لَا مِن حَيْثُ الْجَارِحَةِ-. [٥/ ٨٧]
٥٣٠٩ - الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ محَمَّدُ بْن الطَّيِّبِ الْبَاقِلَانِي الْمُتَكَلِّمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْأَشْعَرِيِّ، لَيْسَ فِيهِمْ مِثْلُهُ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ. [٥/ ٩٨]
٥٣١٠ - مَن يَقُولُ: هُوَ -سبحانه- فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَقُولُ: أَنَا أُقِرُّ بِهَذِهِ النُّصُوصِ، وَهَذِهِ لَا أَصْرِفُ وَاحِدًا مِنْهَا عَن ظَاهِرِهِ: وَهَذَا قَوْلُ طَوَائِفَ ذَكَرَهُم الْأَشعَرِيُّ فِي "الْمَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ"، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ طَائِفَةٍ مِن السالمية وَالصُّوفِيَّةِ.
وَيُشْبِهُ هَذَا مَا فِي كَلَامِ أَبِي طَالِب الْمَكِّيِّ وَابْنِ برجان وَغَيْرِهِمَا، مَعَ مَا فِي كَلَامِ أَكْثَرِهِمَا مِن التَّنَاقُضِ؛ وَلهَذَا لَمَّا كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ -الَّذِي صَنَّفَ "مَثَالِبَ ابْنِ أَبِي بِشْرٍ" وَرَدَّ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عَسَاكِرَ- هُوَ مِن السالمية، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ "الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ": أَنَّ جَمَاعَةً أَنْكَرُوا عَلَى أَبِي طَالِبٍ كَلَامَهُ فِي الصِّفَاتِ.
فَكُلُّ مَن قَالَ: إنَّ اللهَ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا فَطَرَ اللهُ عَلَيْهِ عِبَادَهُ وَلصَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَللْأَدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ.
وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَةً، يَقُوئونَ: إنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَيَقُولُونَ: نَصِيبُ الْعَرْشِ مِنْهُ كَنَصِيبِ قَلْبِ الْعَارِفِ، كَمَا يَذْكُرُ مِثْل ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَلْبَ الْعَارِفِ نَصِيبُهُ مِنْهُ الْمَعْرِفَةُ وَالْإِيمَانُ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّ الْعَرْشَ كَذَلِكَ نَقَضُوا قَوْلَهُم: إنَّهُ نَفْسُهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَإِن قَالُوا بِحُلُولِهِ بِذَاتِهِ فِي قُلُوبِ الْعَارِفِينَ كَانَ هَذَا قَوْلًا بِالْحُلُولِ الْخَالِصِ، وَقَد وَقَعَ فِي ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِن الصُّوفِيَّةِ، حَتَّى صَاحِبُ "مَنَازِلِ السَّائِرِينَ" فِي تَوْحِيدِهِ الْمَذْكُورِ فِي آخِرِ الْمَنَازِلِ فِي مِثْل هَذَا الْحُلُولِ؛ وَلهَذَا كَانَ أَئِمَّة الْقَوْمِ يُحَذِّرُونَ مِن مِثْل هَذَا. [٥/ ٢٢٩ - ٢٣٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute