وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ جَيِّدَةٌ، لَكِنَّ هَذَا مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ؛ فَإِنَّ مَسَائِلَ الدَّقِّ فِي الْأُصُولِ لَا يَكَادُ يَتَّفِقُ عَلَيْهَا طَائِفَةٌ؛ إذ لَو كَانَ كَذَلِكَ لَمَا تَنَازَعَ فِي بَعْضِهَا السَّلَفُ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَقَد يُنْكَرُ الشَّيْءُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَعَلَى شَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ (١). [٦/ ٥١ - ٥٦]
٥٣١٤ - أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ نَصَرَ قَوْلَ جَهْمٍ فِي الْإِيمَانِ، مَعَ أَنَّهُ نَصَرَ الْمَشْهُورَ عَن أَهْلِ السُّنَّةِ مِن أَنَّهُ يَسْتَثْنِي فِي الْإِيمَانِ فَيَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللهُ؛ لِأَنَّهُ نَصَرَ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ أَحَدٌ مِن أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَلَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ، وَتُقْبَلُ فِيهِم الشَّفَاعَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَهُوَ دَائِمًا يَنْصُرُ -فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا النِّزَاعُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ- قَوْلَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَكُن خَبِيرًا بِمَآخِذِهِمْ، فَيَنْصُرُهُ عَلَى مَا يَرَاهُ هُوَ مِن الْأُصُولِ الَّتِي تَلَقَّاهَا عَن غَيْرِهِمْ، فَيَقَعُ فِي ذَلِكَ مِن التَّنَاقُضِ مَا يُنْكِرُهُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كَمَا فَعَلَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِيمَانِ وَنَصَرَ فِيهَا قَوْل جَهْمٍ مَعَ نَصْرِهِ لِلِاسْتِثْنَاءِ. [٧/ ١٢٠]
٥٣١٥ - ابْنُ عَقِيلٍ لَمَّا كَانَ فِي كَثِيرٍ مِن كَلَامِهِ طَائِفَةٌ مِن كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك لَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِك، فَقَالَ: يَا هَذَا هَبْ أَنَّ لَهُ وَجْهًا أَفَتَتَلَذَّذُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ.
وَهَذَا اللَّفْظُ مَأْثُورٌ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاة النَّسَائِي وَغَيْرُهُ عَن عَمَّارٍ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. [٨/ ٣٥٥]
٥٣١٦ - "الشَّيْخُ أَئو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي" فِي "كِتَابِ تَارِيخِ أَهْلِ الصُّفَّةِ" جَمَعَ ذِكْرَ مَن بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ مِن "أَهْلِ الصُّفَّةِ" وَكَانَ مُعْتَنِيًا بِذِكْرِ أَخْبَارِ النُّسَّاكِ وَالصُّوفِيَّةِ؛ وَالْآثَارِ الَّتِي يَسْتَنِدُونَ إلَيْهَا وَالْكَلِمَاتِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُمْ؛ وَجَمَعَ أَخْبَارَ
(١) انظر إلى معرفة الشيخ بهذه الفرق وعقائد ومناهج هؤلاء العلماء، وقد ذكر أربعين فرقة وعالمًا! وهذا يدل على سعة علمه وإحاطته بالفرق والمذاهب وأهلها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute