للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زُهَّادِ السَّلَفِ، وَأَخْبَارَ جَمِيعِ مَن بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ مِن أَهْلِ الصُّفَّةِ وَكَمْ بَلَغُوا، وَأَخْبَارَ الصُّوفِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، وَجَمَعَ أَيْضًا فِي الأَبْوَابِ: مِثْل حَقَائِقِ التَّفْسِيرِ، وَمِثْل أَبْوَابِ التَّصَوُّفِ الْجَارِيَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَمِثْل كَلَامِهِمْ فِي التَّوْحِيدِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَمَسْأَلَةَ السَّمَاعِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِن الْأَحْوَالِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِن الْأَبْوَابِ، وَفِيمَا جَمَعَهُ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ، وَمَنَافِعُ جَلِيلَةٌ.

وَهُوَ فِي نَفْسِهِ رَجُلٌ مِن أَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ، وَمَا يَرْوِيه مِن الْآثَارِ فِيهِ مِن الصَّحِيحِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَيَرْوِي أَحْيَانًا أَخْبَارًا ضَعِيفَةً بَل مَوْضُوعَةٌ، يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهَا كَذِبٌ، وَقَد تَكَلَّمَ بَعْضُ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ فِي سَمَاعِهِ، وَكَانَ البيهقي إذَا رَوَى عَنْهُ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِن أَصْلِ سَمَاعِهِ، وَمَا يُظَنُّ بِهِ وَبأَمْثَالِهِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَمُّدُ الْكَذِبِ، لَكِنْ لِعَدَمِ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ يَدْخُلُ عَلَيْهِم الْخَطَأُ فِي الرِّوَايَةِ، فَإِنَّ النُّسَّاكَ وَالْعُبَّادَ مِنْهُم مَن هُوَ مُتْقِنٌ فِي الْحَدِيثِ؛ مِثْلُ ثَابِتٍ البناني والْفُضَيْل بْنِ عِيَاضٍ وَأَمْثَالِهِمَا، وَمِنْهُم مَن قَد يَقَعُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ غَلَطٌ، وَضَعُفَ مِثْلُ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ وَفَرْقَدٍ السبخي وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَلِكَ مَا يَأْثَرُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَن بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الطَّرِيقِ أَو يَنْتَصِرُ لَهُ مِن الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْأَحْوَالِ فِيهِ مِن الْهُدَى وَالْعِلْمِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَفِيهِ -أَحْيَانًا- مِن الْخَطَأِ أَشْيَاءُ، وَبَعْضُ ذَلِكَ يَكُونُ عَن اجْتِهَادٍ سَائِغٍ، وَبَعْضُهُ بَاطِلٌ قَطْعًا؛ مِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي حَقَائِقِ التَّفْسِيرِ قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ عَن جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَغَيْرِهِ مِن الآثَارِ الْمَوْضُوعَةِ، وَذَكَرَ عَنْهُ بَعْضُ طَائِفَةٍ أَنْوَاعًا مِن الْإِشَارَاتِ الَّتِي بَعْضُهَا أَمْثَالٌ حَسَنَةٌ، وَاسْتِدْلَالَاتٌ مُنَاسِبَةٌ، وَبَعْضُهَا مِن نَوْعِ الْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ.

فَاَلَّذِي جَمَعَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَحْوُهُ فِي تَارِيخِ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَأَخْبَارِ زُهَّادِ السَّلَفِ وَطَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ فَوَائِدُ جَلِيلَةٌ، وَيُجْتَنَبُ مِنْهُ مَا فِيهِ مِن الرِّوَايَاتِ الْبَاطِلَةِ، وَيُتَوَقَّفُ فِيمَا فِيهِ مِن الرِّوَايَاتِ الضَّعِيفَةِ، وَهَكَذَا كَثِيرٌ مِن أَهْلِ الرِّوَايَاتِ وَمِن أَهْلِ الْآرَاءِ وَالْأَذْوَاقِ مِغ الْفُقَهَاءِ وَالزُّهَّادِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَغَيْرِهِمْ يُوجَدُ فِيمَا يَأْثُرُونَهُ عَمَّن قَبْلَهُم وَفِيمَا يَذْكُرُونَة مُعْتَقِدِينَ لَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ وَأَمْرٌ عَظِيمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>