للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ كِتَابُهُ فِي اخْتِلَافِ الْمُصَلِّينَ مِن أَجْمَعِ الْكُتُبِ، وَقَد اسْتَقْصَى فِيهِ أَقَاوِيلَ أَهْلِ الْبِدَع، وَلَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ ذَكَرَهُ مُجْمَلًا غَيْرَ مُفَصَّلٍ، وَتَصَرَّفَ فِي بَعْضِهِ فَذَكَرَهُ بِمَا اعْتَقَدَهُ هُوَ أَنَّهُ قَوْلُهُم مِن غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَن أَحَدٍ مِنْهُمْ.

وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ إلَيْهِ قَوْلُ ابْن كِلَابٍ.

فَأمَّا ابْنُ كِلَابٍ فَقَوْلُهُ مَشُوبٌ بِقَوْلِ الْجَهْمِيَّة، وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِن قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَوْلِ الْجَهْمِيَّة.

وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ فِى الصِّفَاتِ، وَأَمَّا فِى الْقَدَرِ وَالْإِيمَانِ فَقَوْلُهُ قَوْلُ جَهْمٍ.

وَأَمَّا مَا حَكَاهُ عَن أهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَقَالَ: "وَبِكُلٍّ مَا ذَكَرْنَا مِن قَوْلِهِمْ نَقُولُ وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ"، فَهُوَ أَقْرَبُ مَا ذَكَرَهُ.

وَبَعْضُهُ ذَكَرَهُ عَنْهُم عَلَى وَجْهِهِ وَبَعْضُهُ تَصَرَّفَ فِيهِ وَخَلَطَهُ بِمَا هُوَ مِن أَقْوَالِ جَهْمٍ فِي الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ، إذ كَانَ هُوَ نَفْسُهُ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ تِلْكَ الْأُصُولِ، وَهُوَ يُحِبُّ الِانْتِصَارَ لأهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَمُوَافَقَتَهُمْ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ مَا رَآهُ مِن رَأْيِ أُولَئِكَ وَبَيْنَ مَا نَقَلَهُ عَن هَؤُلَاءِ.

وَالطَّائِفَتَانِ -أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَهْمِيَّة- يَقُولُونَ إنَّهُ تَنَاقُضٌ، لَكِنَّ السُّنِّيَّ يَحْمَدُ مُوَافَقَتهُ لِأهْلِ الْحَدِيثِ، وَيُذَمُّ مُوَافَقَتهُ للجهمية.

وَلهَذَا كَانَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِهِ كَأَبِي الْمَعَالِي وَنَحْوِهِ أَظْهَرَ تَجَهُّمًا وَتَعْطِيلًا مِن مُتَقَدِّمِيهِمْ.

وَهِيَ مَوَاضِعُ دَقِيقَةٌ يَغْفِرُ اللهُ لِمَن أَخْطَأَ فِيهَا بَعْدَ اجْتِهَادِهِ.

لَكِنَّ الصَّوَابَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ، فَلَا يَكُونُ الْحَقُّ فِي خِلَافِ ذَلِكَ قَطُّ وَاللهُ أَعْلَمُ. [١٦/ ٣٠٧ - ٣٠٩]

٥٣٢٢ - قَوْلُهُ تعالى: {أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ} [البقرة: ٢١٠] كَانَ جَمَاعَةٌ مِن

<<  <  ج: ص:  >  >>