قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَليدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ الفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَد عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَليدَةِ أَبِي وُلدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا (١) إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ أَخِي كَانَ قَد عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي، وَابْنُ وَليدَةِ أَبِي، وُلدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ"، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ-صلى الله عليه وسلم-: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ" ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ -زَوْجِ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم-: "احْتَجِبِي مِنْهُ" لِمَا رَأَى مِن شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللهَ.
فَقَد جَعَلَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ابْنَ زمعة لِأَنَّهُ وُلدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَجَعَلَهُ أَخًا لِوَلَدِهِ بِقَوْلِهِ: "فَهُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنُ زمعة".
وَقَد صَارَتْ سَوْدَةُ أُخْتَه يَرِثُهَا وَتَرِثُهُ؛ لِأَنَّهُ ابْن أَبِيهَا زمعة وُلدَ عَلَى فِرَاشِهِ.
وَمَعَ هَذَا فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْة: لِمَا رَأَى مِن شَبَهِهِ الْبَيِّنِ بعتبة.
فَإِنَّهُ قَامَ فِيهِ دَلِيلَانِ مُتَعَارِضَانِ:
أ- الْفِرَاشُ.
ب- وَالشَّبَهُ.
وَالنَّسَبُ فِي الظَّاهِرِ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ أَقْوَى.
وَلَمَّا كَانَ احْتِجَابُهَا مِنْهُ مُمْكِنًا مِن غَيْرِ ضَرَرٍ: أَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ لِمَا ظَهَرَ مِن الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ أَخَاهَا فِي الْبَاطِنِ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْمَ الْوَاحِدَ يُنْفَى فِي حُكْمٍ وَيَثْبُتُ فِي حُكْمٍ.
فَهُوَ أَخٌ فِي الْمِيرَاثِ، وَلَيْسَ بِأَخٍ فِي المحرمية.
(١) أي: ذهبا إليه يسوق كلّ منهما الآخر ليترافعا عنده.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute