للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَذَلِكَ وَلَدُ الزنا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَابْنُ الْمُلَاعَنَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ إلَّا مَن شَذَّ: لَيْسَ بِوَلَدٍ فِي الْمِيرَاثِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ وَلَدٌ فِي تَحْرِيمِ النكَاحِ والمحرمية.

وَلَفْظُ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَمْرِ: يَتَنَاوَلُ الْكَامِلَ، وَهُوَ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]، وَقَوْلُهُ: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠].

وَفِي النَّهْي: يَعُمُّ النَّاقِصَ وَالْكامِلَ، فَيَنْهَى عَن الْعَقْدِ مُفْرَدًا وَإِن لَمْ يَكُن وَطْءٌ؛ كَقَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢]؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْآمِرَ مَقْصُودُهُ تَحْصِيلُ الْمَصْلَحَةِ، وَتَحْصِيلُ الْمَصْلَحَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالدُّخُولِ.

وَالنَّاهِي مَقْصودُة دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ، فَيَدْخُلُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ مَفْسَدَةٌ.

وَكَذَلِكَ النَّسَبُ وَالْمِيرَاثُ مُعَلَّق بِالْكَامِلِ مِنْهُ، وَالتَّحْرِيمُ مُعَلَّق بِأَدْنَى سَبَبٍ حَتَّى الرَّضَاعِ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَكُونُ لَهُ مُبْتَدَأٌ وَكَمَالٌ: يُنْفَى تَارَةً بِاعْتِبَارِ انْتِفَاءِ كَمَالِهِ، وَيثْبُتُ تَارَةً بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِ مَبْدَئِهِ (١).

فَلَفْظُ الرِّجَالِ يَعمُّ الذُّكُورَ وَإِن كَانُوا صِغَارًا فِي مِثْل قَوْلِهِ: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦].

وَلَا يَعُمُّ الصّغَارَ فِي مِثْل قَوْلِهِ: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النساء: ٧٥].

فَإِنَّ بَابَ الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ عَمَلٌ يَعْمَلُهُ الْقَادِرُونَ عَلَيْهِ، فَلَو اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِن الرِّجَالِ لَظُنَّ أَنَّ الْوِلْدَانَ غَيْرُ دَاخِلِينَ لِأَنَّهُم لَيْسُوا مَن أَهْلِهِ، وَهُم ضعَفَاءُ، فَذَكَرَهُم بِالِاسْمِ الْخَاصِّ لِيُبَيِّنَ غذْرَهُم فِي تَرْكِ الْهِجْرَةِ وَوُجُوبِ الْجِهَادِ.


(١) هذه قاعدة عظيمة النفع، يندفع بها أمورٌ كثيرةٌ تُشكل على بعض الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>