للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)} [الأحزاب: ٥٦] فَهُنَا أَخْبَرَ وَأَمَرَ.

وَأَمَّا فِي حَقِّ عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبَرَ وَلَمْ يَأْمُرْ فَقَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣].

وَلهَذَا إذَا ذَكَرَ الْخُطَبَاءُ ذَلِكَ قَالُوا: إنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْر بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ، وَثَنَّى بِمَلَائِكَتِهِ، وَأَيَّهَ بِالْمُومِنِينَ مِن بَرِيَّتِهِ؛ أَيْ: قَالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأحزاب: ٤٩] (١).

فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَدَأَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَثَنَّى بِمَلَائِكَتِهِ لَكِنْ لَمْ يُؤَيِّهْ فِيهَا بِالْمُؤْمِنِينَ مِن بَرِيَّتهِ.

وَقَد اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّه تُشْرَعُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الدُّعَاءِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.

وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَفِي الْخُطَبِ، فَأوْجَبَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَلَمْ يُوجِبْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ، وَعَن الْإِمَامِ أَحْمَد رِوَايَتَانِ.

وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ مَعَ الدُّعَاءِ، فَلَا نَدْعُو حَتَّى نَبْدَأَ بِهِ-صلى الله عليه وسلم- (٢)، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ مَأُمُورٌ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ.


(١) هذا يدل على أن هذه الصيغة مشهورة منذ زمن ابن تيمية أو قبله، سوى الجملة الأخيرة: (وأيّه .. )، فهي لا يَكاد يَقُولها الخطباء.
(٢) هذه من الترجيحات الغريبة، التي لم أقف على أحد وافقه عليه.
ولعل من الأدلة التي تُؤيد كلام الشيخ ما رواه فَضَالَةُ بْن عُبَيْدِ -رضي الله عنه- أنّ رَسُولَ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- سَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَل عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "عَجِلَ هَذَا" ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: -أو لِغَيْرِهِ- "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ". روأه أبو داود (١٤٨١)، والترمذي (٣٤٧٧) وقال؛ هَذَا حَدِيث حَسَنٌ صَحِيحٌ. وصحَّحه الألباني. =

<<  <  ج: ص:  >  >>