للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَادُ فِي عُقُولِ النَّاسِ إذَا خَاطَبُوا الْأَكَابِرَ مِن الْأمَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايخِ وَالرُّؤَسَاءِ، لَمْ يُخَاطِبُوهُم وَيَدْعُوهُم إلَّا بِاسْم حَسَنٍ، وَإِن كَانَ فِي حَالِ الْخَبَرِ عَن أَحَدِهِمْ يُقَالُ: هُوَ إنْسَانٌ، وَحَيَوَانٌ نَاطِقٌ، وَجِسْمٌ، وَمُحْدَثٌ، وَمَخْلُوقٌ، وَمَرْبُوبٌ، وَمَصْنُوعٌ، وَابْنُ أُنْثَى، وَيَأْكُلُ الطَّعَامَ، وَيَشْرَبُ الشَّرَابَ (١).

لَكِنَّ كُلَّ مَا يُذْكَرُ مِن أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ فِي حَالِ الإخْبَارِ عَنْهُ: يُدْعَى بِهِ فِي حَالِ مُنَاجَاتِهِ وَمُخَاطَبَتِهِ، وَإِن كَانَت أَسْمَاءُ الْمَخْلُوقِ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى نَقْصِهِ وَحُدُوثهِ، وَأَسْمَاءُ اللهِ لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى نَقْصٍ وَلَا حُدُوثٍ؛ بَل فِيهَا الْأَحْسَنُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ وَهِيَ الَّتِي يُدْعَى بِهَا.

وَأَمَّا فِي الْأَسْمَاءِ الْمَأثُورَةِ فَمَا مِن اسْمٍ إلَّا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَعْنى حَسَنٍ. [٦/ ١٤١ - ١٤٣]

٤٨٧ - النَّاسُ مُتَنَازِعُونَ: هَل يُسَمَّى اللهُ بِمَا صَحَّ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ وَالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ وَإِن لَمْ يَرِدْ بِإِطْلَاقِهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ؟ أَمْ لَا يُطْلَقُ إلَّا مَا أَطْلَقَ نَصٌّ أَو إجْمَاعٌ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورينِ.


= وَفِي هَذَا التَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ تَعْلِيمٌ وَتَأْدِيبٌ لِلْمُؤْمِنِينَ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَن مُخَاطَبَتِهِ بِاسْمِهِ وَالْأمْرَ بِأَنْ يُخَاطِبُوهُ بِوَصْفِهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَدْعُوهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ.
وَلَكِنَّ الْمُفَسِّرِينَ يَغْفَلُونَ عَن هَذَا، فَيُكَرِّرُ كَثِيرٌ مِنْهُم كَلِمَةَ "يَا مُحَمَدُ" عِنْدَ تَفْسِيرِهِمْ لِخِطَاب اللهِ لِرَسُولهِ بِمِثْلِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)} [الكوثر: ١]، وَمَا أشْبَهَهُ مِنَ الْخِطَابِ، وَأَخَذَة عَنْهُم قُرَّاءُ التَّفْسِيرِ، فَيَكَادُونَ يَقُولُونَهُ فِي تَفْسِيرِ كُلِّ خِطَابٍ، وَإِن لَمْ يُذْكَرِ النَّدَاءُ فِي الْكِتَابِ. اهـ. تفسير المنار (٦/ ٣٣٥).
(١) والناس والعلماء كذلك يفرقون بين الإخبار والمناداة، فيقولون عن الرجل: الأعرج، الأسمر، الأعمش، الأعمى، إذا أرادوا الإخبار عن وصفه، ولا يعيبون ذلك، ولكن يعيبون ويستقبحون أنْ يُنادى بذلك، فلو قال أحد للأعمى: يا أعمى! أو للأعرج: يا أعرج: لكان قبيحًا في حقه، واسْتُحق اللوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>