للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَخْلُوقٌ، وَهَؤُلَاءِ هُم الَّذِينَ ذَمَّهُم السَّلَفُ، وَغَلَّظُوا فِيهِم الْقَوْلَ؛ لِأنَّ أَسْمَاءَ اللهِ مِن كَلَامِهِ، وَكَلَامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ الْمَعْرُوفَ عَن أَئِمَّةِ السُّنَّةِ إنْكَارُهُم عَلَى مَن قَالَ أَسْمَاءُ اللهِ مَخْلُوقَةٌ، وَكَانَ الَّذِينَ يُطْلِقُونَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى هَذَا مُرَادُهُمْ.

وَاَلَّذِينَ قَالُوا الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى كَثِيرٌ مِن الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ؛ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبِي الْقَاسِمِ الطبري، واللالكائي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ البغوي صَاحِبِ شَرْحِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ.

قَالَ أبُو بَكْرِ بْنُ فورك .. : وَاَلَّذِي هُوَ الْحَقُّ عِنْدَنَا قَوْلُ مَن قَالَ: اسْمٌ الشَّيءِ هُوَ عَيْنُهُ وَذَاتُهُ، وَاسْمُ اللهِ هُوَ اللهُ، وَتَقْدِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ: بِسْمِ اللهِ أَفْعَلُ: أَيْ: بِاللهِ أفْعَلُ، وَإِنَّ اسْمَهُ هُوَ هُوَ.

قَالَ: وإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سلام.

قُلْت (١): لَو اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّ أَسْمَاءَ الشَّيءِ إذا ذُكِرَتْ فِي الْكَلَامِ فَالْمُرَادُ بِهَا الْمُسَمَّيَاتُ: لَكَانَ ذَلِكَ مَعْنًى وَاضِحًا، لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ مَن فَهِمَهُ، لَكِنْ لَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى ذَلِكَ؛ وَلهَذَا أَنْكَرَ قَوْلَهُم جُمْهُورُ النَّاسِ مِن أَهْلِ السّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِمَا فِي قَوْلِهِمْ مِن الْأُمُورِ الْبَاطِلَةِ؛ مِثْلُ دَعْوَاهُم أنَّ لَفْظَ اسْمٍ الَّذِي هُوَ "ا س م" مَعْنَاهُ: ذَاتُ الشَّيءِ وَنَفْسُهُ، وَأَنَّ الْأَسْمَاءَ -الَّتِي هِيَ الْأَسْمَاءُ- مِثْلُ زيدٍ وَعَمْرٍو هِيَ التَّسْمِيَاتُ لَيْسَتْ هِيَ أَسْمَاءَ الْمُسَمَّيَاتِ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ، مُخَالِفٌ لِمَا يَعْلَمُهُ جَمِيعُ النَّاسِ مِن جَمِيعِ الْأُمَمِ وَلمَا يَقُولُونَهُ.

فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: إن زيدًا وَعَمْرًا وَنَحْو ذَلِكَ هِيَ أَسْمَاءُ النَّاسِ.

وَالتَّسْمِيَةُ: جَعْلُ الشَّيءِ اسْمًا لِغَيْرِهِ، هِيَ مَصْدَرُ سَمَّيْته تَسْمِيَة، إذَا جَعَلْت


(١) القائل: شيخ الإسلام، يستدرك على قول ابن فورك وغيره الذين قالوا بأن الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى.

<<  <  ج: ص:  >  >>