للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ اسْمًا، وَالِاسْمُ: هُوَ الْقَوْلُ الدَّالُّ عَلَى الْمُسَمَّى، لَيْسَ الِاسْمُ الَّذِي هُوَ لَفْظُ اسْمٍ هُوَ الْمُسَمَّى؛ بَل قَد يُرَادُ بِهِ الْمُسَمَّى؛ لِأنَّهُ حُكمٌ عَلَيْهِ وَدَليل عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَد عُرِفَ أَنَّهُ إذَا أَطُلِقَ الِاسْمُ فِي الْكَلَامِ الْمَنْظومِ: فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُسَمَّى؛ فَلِهَذَا يُقَالُ: مَا اسْمُ هَذَا؟ فَيُقَالُ: زَيْدٌ، فَيُجَابُ بِاللَّفْظِ، وَلَا يُقَالُ: مَا اسْمُ هَذَا، فَيُقَالُ: هُوَ هُوَ.

وَأَمَّا احْتِجَاجُهُم بِقَوْلِهِ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١]، وَأَنَّ الْمُرَادَ سَبِّحْ رَبَّك الْأَعْلَى، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٧٨)} [الرحمن: ٧٨] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهَذَا لِلنَّاسِ فِيهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ وَكِلَاهُمَا حُجَّة عَلَيهِمْ:

مِنْهُم مَن قَالَ: "الِاسْمُ" هُنَا صِلَةٌ، وَالْمُرَادُ سَبِّحْ رَبَّك، وَتبَارَكَ رَبُّك.

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِصِلَة؛ بَل أَمَرَ اللهُ بِتَسْبِيحِ اسْمِهِ، كَمَا أَمَرَ بِذِكْرِ اسْمِهِ.

وَالْمَقْصُودُ بِتَسْبِيحِهِ وَذِكْرِهِ: هُوَ تَسْبِيحُ الْمُسَمَّى وَذِكْرُهُ؛ فَإِنَّ الْمُسَبِّحَ وَالذَّاكِرَ إنَّمَا يُسَبِّحُ اسْمَهُ ويذْكُرُ اسْمَهُ فَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى، فَهُوَ نَطَقَ بِلَفْظِ رَبِّي الْأَعْلَى، وَالْمُرَادُ هُوَ الْمُسَمَّى بِهَذَا اللَّفْظِ، فَتَسْبِيحُ الِاسْمِ هُوَ تَسْبِيحُ الْمُسَمَّى.

لَكِنْ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ اسْمٍ الَّذِي هُوَ "أَلِفٌ سِينٌ مِيمٌ" الْمُرَادُ بِهِ الْمُسَمَّى.

لَكِنْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَسْمَاءَ اللهِ؛ مِثْلُ: الله، وَرَبُّنَا، وَرَبِّي الْأَعْلَى، وَنَحْوُ ذَلِكَ: يُرَادُ بِهَا الْمُسَمَّى، مَعَ أَنَّهَا هِيَ فِي نَفْسِهَا لَيْسَتْ هِيَ الْمُسَمَّى، لَكِنْ يُرَادُ بِهَا الْمُسَمَّى.

وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِن "السُّمُوِّ" وَهُوَ الْعُلُوُّ كَمَا قَالَ النُّحَاةُ الْبَصْرِيُّونَ، وَقَالَ النُّحَاةُ الْكُوفِيُّونَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِن "السِّمَةِ" وَهِيَ الْعَلَامَةُ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>