للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإنْ قِيلَ: فَفَوَاتُ هَذَا الْإيمَانِ مِن الذُّنُوبِ أَمْ لَا؟

قِيلَ: إذَا لَمْ يَبْلُغ الْإِنْسَانَ الْخِطَابُ الْمُوجِبُ لِذَلِكَ: لَا يَكُونُ تَرْكهُ مِن الذُّنُوبِ.

وَأَمَّا إنْ بَلَغَهُ الْخِطَابُ الْمُوجِبُ لِذَلِكَ فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ: كَانَ تَرْكهُ مِن الذُّنُوبِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ.

وَكَثِيرٌ مِن النَّاسِ أو أكْثَرُهُم لَيْسَ عِنْدَهُم هَذِهِ التَّفَاصِيلُ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ، مَعَ أَنَّهُم قَائِمُونَ بِالطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْإِسْلَامِ، وإِذَا وَقَعَتْ مِنْهُم ذُنُوبٌ تَابُوا وَاسْتَغْفَرُوا مِنْهَا، وَحَقَائِقُ الْإِيمَانِ الَّتِي فِي الْقُلُوب لَا يَعْرِفُونَ وُجُوبَهَا؛ بَل وَلَا أَنَّهَا مِن الْإِيمَانِ؛ بَل كَثِيرٌ مِمَن يَعْرِفُهَا مِنْهُم يَظُنُّ أنَّهَا مِن النَّوَافِلِ الْمُسْتَحَبَّةِ إنْ صَدَّقَ بِوُجُوبِهَا.

فَالْإِسْلَامُ يَتَنَاوَلُ:

أ - مَن أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيءٌ مِن الْإِيمَانِ وَهُوَ الْمُنَافِقُ الْمَحْضُ.

ب - وَيَتَنَاوَلُ مَن أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ مَعَ التَّصْدِيقِ الْمُجْمَلِ فِي الْبَاطِنِ وَلَكِنْ لَمْ يَفْعَل الْوَاجِبَ كُلَّهُ، لَا مِن هَذَا وَلَا هَذَا، وَهُم الْفُسَّاقُ، يَكُونُ فِي أَحَدِهِمْ شُعْبَةُ نِفَاقٍ.

ج - ويتَنَاوَلُ مَن أَتَى بِالْإِسْلَامِ الْوَاجِبِ وَمَا يَلْزَمُهُ مِن الْإِيمَانِ، وَلَمْ يَأتِ بِتَمَامِ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا فُسَّاقًا تَارِكِينَ فَرِيضَةً ظَاهِرَةً، وَلَا مُرْتَكِبِينَ مُحَرَّمًا ظَاهِرًا، لَكِنْ تَرَكُوا مِن حَقَائِقِ الْإِيمَانِ الْوَاجِبَةِ عِلْمًا، وَعَمَلًا بِالْقَلْبِ يَتْبعُهُ بَعْضُ الْجَوَارِحِ مَا كَانُوا بِهِ مَذْمُومِينَ.

وَهَذَا هُوَ النِّفَاقُ الَّذِي كَانَ يَخَافُهُ السَّلَفُ عَلَى نُفُوسِهِمْ؛ فَإنَّ صَاحِبَهُ قَد يَكونُ فِيهِ شُعْبَةُ نِفَاقٍ.

د - وَبَعْدَ هَذَا مَا مَيَّزَ الله بِهِ الْمُقَرَّبِينَ عَلَى الْأَبْرَارِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ مِن إيمَانٍ وَتَوَابِعِهِ؛ وَذَلِكَ قَد يَكُونُ مِن بَابِ الْمُسْتَحَبَّاتِ، وَقَد يَكُونُ أيْضًا مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>