للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّارَ مِنْهُم مَن أَخْبَرَ اللهُ وَرَسُولُهُ بِدُخُولِهِ إلَيْهَا، وَلَا يُخَلَّدُ مِنْهُم فِيهَا أَحَدٌ، وَلَا يَكُونُونَ مُرْتَدّينَ مُبَاحِي الدِّمَاءِ.

وَلَكِنَ الأقْوَالَ الْمُنْحَرِفَةَ:

أ- قَوْلُ مَن يَقُولُ بِتَخْلِيدِهِمْ فِي النَّارِ؛ كَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ.

ب- وَقَوْلُ غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: مَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُم يَدْخُلُ النَّارَ؛ بَل نَقِفُ فِي هَذَا كُلّهِ .. [٧/ ٢٨٦ - ٢٩٧]

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَقَد يَكُون الرَّجُلُ مُسْلِمًا يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَمَعَهُ الْإِيمَانُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِن أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَيْسَ مَعَهُ هَذَا الْإِيمَانُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ، لَكِنَّ هَذَا يُقَالُ: مَعَهُ مَا أُمِرَ بِهِ مِن الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ.

وَقَد يَكُونُ مُسْلِمًا يَعْبُدُ اللهَ كَمَا أُمِرَ، وَلَا يَعْبُدُ غَيْرَهُ، ويَخَافُهُ ويَرْجُوهُ: وَلَكِنْ لَمْ يَخْلُصْ إلَى قَلْبِهِ أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَلَا أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ أَحَبَّ إلَيْهِ مِن جَمِيعِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَأَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَأَنْ يَخَافَ اللهَ لَا يَخَافَ غَيْرَهُ، وَأَنْ لَا يَتَوَكَّلَ إلَّا عَلَى اللهِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مِن الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ، وَلَيْسَتْ مِن لَوَازِمِ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الِاسْتِسْلَامُ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْخُضُوعَ للهِ وَحْدَهُ، وَالِانْقِيَادَ لَهُ، وَالْعُبُودِيَّةَ للهِ وَحْدَهُ، وَهَذَا قَد يَتَضَمَّنُ خَوْفَهُ وَرَجَاءَهُ.

وَأَمَّا طُمَأنِينَةُ الْقَلْبِ بِمَحَبَّتِهِ وَحْدَهُ، وَأَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَبِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَبِأَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ الْمُومِنِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ: فَهَذِهِ مِن حَقَائِقِ الْإِيمَانِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِهِ.

فَمَن لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا: لَمْ يَكُن مِن الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا وَإِن كَانَ مُسْلِمًا.

وَكَذَلِكَ وَجَلُ قَلْبِهِ إذَا ذُكرَ اللهُ، وَكَذَلِكَ زَيادَةُ الْإِيمَانِ إذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِ آيَاتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>