للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَاَلَّذِينَ خُوطِبُوا بِهِ كَانُوا عَرَبًا، وَقَد فَهِمُوا مَا أُرِيدَ بِهِ، وَهُم الصَّحَابَةُ.

ثُمَّ الصَّحَابَةُ بَلَّغُوا لَفْظَ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ إلَى التَّابِعِينَ، حَتَّى انْتَهَى إلَيْنَا، فَلَمْ يَبْقَ بِنَا حَاجَة إلَى أَنْ تَتَوَاتَرَ عِنْدَنَا تِلْكَ اللُّغَة مِن غَيْرِ طَرِيقِ تَوَاتُرِ الْقرْآنِ.

(السَّادِسُ) أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ شَاهِدًا مِن كَلَام الْعَرَبِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ مِن غَيْرِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِ النَاسِ: فُلَانٌ يُؤْمِنُ بِالشَّفَاعَةِ، وَفُلَانٌ يُؤْمِنُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَفُلَانٌ يُومِنُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفُلَانٌ لَا يُومِنُ بِذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَ هَذَا لَيْسَ مِن ألْفَاظِ الْعَرَبِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ.

(السَّابِعُ): أَنْ يُقَالَ: مَن قَالَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّصْدِيقَ بِمَا يُرْجَى ويُخَافُ بِدُونِ خَوْفٍ وَلَا رَجَاءٍ؛ بَل يُصَدِّقُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَيَخَافُهُ، وَيُصَدِّقُ بِالشَّفَاعَةِ وَيَرْجُوهَا.

وَإِلَّا فَلَو صَدَّقَ بِأنَّهُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ وَلَمْ يَكُن فِي قَلْبِهِ خَوْفٌ مِن ذَلِكَ أَصْلًا: لَمْ يُسَمُّوهُ مُؤمِنًا بِهِ، كَمَا أَنَّهُم لَا يُسَمُّونَ مُؤمِنًا بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ إلَّا مَن رَجَا الْجَنَّةَ وَخَافَ النَّارَ، دُونَ الْمَعْرِضِ عَن ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ حَقٌّ.

كَمَا لَا يُسَمُّونَ إبْلِيسَ مُؤمِنًا بِاللهِ وَإِن كَانَ مُصَدِّقًا بِوُجُودِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، وَلَا يُسَمُّونَ فِرْعَوْنَ مُؤمِنًا وإن كَانَ عَالِمًا بِأنَّ اللهَ بَعَثَ مُوسَى وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ الْآيَاتِ.

بَل الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ مَمْلُوءَانِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْإِيمَانِ إلَّا بِالْعَمَلِ مَعَ التَّصْدِيقِ، وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ أَكْثَرُ بِكَثِير مِن مَعْنَى الصَّلَاةِ


= الثاني: زيادة الإيمان واليقين بالقرآن الكريم، حيث إنه ما نزل إلا بلغة العرب الذي تحداهم القرآن أن يأتوا بمثله، فهم عربٌ أقحاح، والقرآن جاء بلغتهم التي يتخاطبون بها، ومع ذلك لم يستطيعوا أن يأتوا بسورة من مثلِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>