للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ تِلْكَ إنَّمَا فَسَّرَتْهَا السُّنَّةُ، وَالْإِيمَانُ بَيَّنَ مَعْنَاهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ. [٧/ ١٢٣ - ١٢٨]

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ لَمْ يَثْبُت الْمَدْحُ إلَّا عَلَى إيمَانٍ مَعَهُ الْعَمَلُ، لَا عَلَى إيمَانٍ خَالٍ عَن عَمَلٍ.

فَإذَا عُرِفَ أَنَّ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ وَاقِعٌ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ: كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ نِزَاعُهُم لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ بَل يَكُونُ نِزَاعًا لَفْظِيًّا، مَعَ أَنَّهُم مُخْطِئُونَ فِي اللَّفْظِ، مُخَالِفُونَ لِلْكتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَإِن قَالوا: إنَّهُ لَا يَضرُّهُ تَركُ الْعَمَلِ: فَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ.

ويَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)} [البقرة: ١٧٧].

فَقَوْلُهُ: {صَدَقُوا} [العنكبوت: ٣]؛ أَيْ: فِي قَوْلِهِمْ: آمَنُوا؛ كَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)} [الحجرات: ١٥]؛ أَيْ: هُم الصَّادِقُونَ فِي قَوْلِهِمْ آمَنَّا بِاللهِ.

وَقَد قَالَ فِي آيَةِ الْبِرِّ: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٧] فَجَعَلَ الْأَبْرَارَ هُم الْمُتَّقِينَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّجْرِيدِ، وَقَد مَيَّزَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الِاقْتِرَانِ وَالتَّقْيِيدِ فِي قَوْلِهِ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢].

وَدَلَّتْ هَذ الآيَةُ عَلَى أَنَّ مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَمُسَمَّى الْبِرِّ وَمُسَمَّى التَّقْوَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَاحِدٌ؛ فَالْمُؤْمِنونَ هُم الْمُتَّقُونَ وَهُم الْأَبْرَارُ.

وَهَؤُلَاءِ الْمُؤمِنُونَ الْأَبْرَارُ الْأَتْقِيَاءُ: هُم أَهْلُ السَّعَادَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَهُم أَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>