للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِن الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُم يَشْفَعُونَ إلَّا شُفعُوا فِيهِ".

وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَا مِن رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُم اللهُ فِيهِ". رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ (١).

السَّبَبُ الْخَامِسُ: مَا يُعْمَلُ لِلْمَيِّتِ مِن أَعْمَالِ الْبِرِّ؛ كَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا؛ فَإِنَّ هَذَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِنُصُوصِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَالْحَجُّ.

وَلَا يَجُوز أَنَّ يُعَارَضَ هَذَا بِقَوْلِهِ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} [النجم: ٣٩] لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَد ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْتَفِعُ بِمَا لَيْسَ مِن سَعْيِهِ؛ كَدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ وَاسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} الْآيَةَ [غافر: ٧].

وَدُعَاءُ النَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَاسْتِغْفَارُهُمْ.

الثَّانِي: أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ فِي ظَاهِرِهَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا سَعْيُهُ، وَهَذَا حَقٌّ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا سَعْيَ نَفْسِهِ، وَأَمَّا سَعْيُ غَيْرِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ، لَكِنْ هَذَا لَا يَمْنَع أَنْ يَنْفَعَهُ اللهُ وَيَرْحَمَهُ بِهِ؛ كَمَا أَنَّهُ دَائِمًا يَرْحَمُ عِبَادَهُ بِأَسْبَاب خَارِجَةٍ عَن مَقْدُورِهِمْ.

السَّبَبُ السَّادِسُ: شَفَاعَةُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَغَيْره فِي أَهْلِ الذُّنُوبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ كَمَا قَد تَوَاتَرَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ؛ مِثْل قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِن أُمَّتِي" (٢).


(١) (٩٤٧، ٩٤٨).
(٢) رواه أبو داود (٤٧٣٩)، والترمذي (٢٤٣٥)، وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>