للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُسْلِمِينَ وَأَتْلَفُوا أَمْوَالَهُم ثُمَّ أَسْلَمُوا: لَمْ يَضْمَنُوا مَا أَصَابُوهُ مِن النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ.

وَأَصْحَابُ تِلْكَ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ: كَانُوا يُجَاهِدُونَ، قَد اشْتَرَى اللهُ مِنْهُم أَنْفُسَهُم وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُم الْجَنَّةَ، فَعِوَضُ مَا أُخِذَ مِنْهُم عَلَى اللهِ، لَا عَلَى أُولَئِكَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ قَاتَلَهُم الْمُؤْمِنُونَ.

وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ: فَهُوَ فِي الْأَعْرَاضِ أَوْلَى، فَمَن كَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللهِ بِاللِّسَانِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَن الْمُنْكَرِ، وَبَيَانِ الدِّيْنِ، وَتَبْلِيغِ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِن الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَيْرِ، وَبَيَانِ الْأَقْوَالِ الْمُخَالِفَةِ لِذَلِكَ، وَالرَّدِّ عَلَى مَن خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، أَو بِالْيَدِ كَقِتَالِ الْكُفَّارِ: فَإِذَا أُوذِيَ عَلَى جِهَادِهِ بِيَدِ غَيْرِهِ أَو لِسَانِهِ فَأَجْرُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى اللهِ، لَا يَطْلُبُ مِن هَذَا الظَّالِمِ عِوَضَ مَظْلِمَتِهِ؛ بَل هَذَا الظَّالِمُ إنْ تَابَ وَقَبِلَ الْحَقَّ الَّذِي جُوهِدَ عَلَيْهِ فَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨].

وَإن لَمْ يَتُبْ بَل أَصَرَّ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: فَهُوَ مُخَالِفٌ للهِ وَرَسُولِهِ، وَالْحَقُّ فِي ذُنُوبِهِ للهِ وَلرَسُولِهِ، وَإِن كَانَ أَيْضًا لِلْمُؤْمِنِينَ حَقٌّ تَبَعًا لِحَقِّ اللهِ.

وَهَذَا إذَا عُوقِبَ: عُوقِبَ لِحَقِّ اللهِ، وَلتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ، لَا لِأجْلِ الْقِصَاصِ فَقَطْ.

وَالْكُفَّارُ إذَا اعْتَدَوْا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، مِثْل أَنْ يُمَثِّلُوا بِهِمْ: فَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ ئمَثِّلُوا بِهِم كَمَا مَثِّلُوا، وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ، وَإِذَا مَثَّلوا كَانَ ذَلِكَ مِن تَمَامِ الْجِهَادِ.

وَالدُّعَاءُ عَلَى جِنْسِ الظَّالِمِينَ الْكُفَّارِ مَشْرُوعٌ مَأْمُورٌ بِهِ، وَشُرِعَ الْقُنُوتُ وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنينَ، وَالدُّعَاءُ عَلَى الْكَافِرِينَ.

وَأَمَّا الدُّعَاءُ عَلَى مُعَيَّنِينَ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَلْعَنُ فُلَانًا وَفُلَانًا: فَهَذَا قَد

<<  <  ج: ص:  >  >>