للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رُوِيَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: ١٢٨] .. ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُعْلَمُ إنْ رضي الله عنه أنْ يَهْلِكَ (١)؛ بَل قَد يَكُونُ مِمَن يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْجِنْسِ، فَإِنَّهُ إذَا دُعِيَ عَلَيْهِم بِمَا فِيهِ عِزُّ الدِّينِ وَذُلُّ عَدُوِّهِ وَقَمْعُهُم كَانَ هَذَا دُعَاءً بِمَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ؛ فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْإِيمَانَ وَأَهْلَ الْإِيمَانِ وَعُلُوَّ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَذُلَّ الْكُفَّارِ، فَهَذَا دُعَاءٌ بِمَا يُحِبُّ اللّهُ.

وَأَمَّا الدُّعَاءُ عَلَى الْمُعَيَّنِ بِمَا لَا يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ يَرْضَاهُ: فَغَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ، وَقَد كَانَ يَفْعَلُ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ اللهَ قَد يَتُوبُ عَلَيْهِ أَو يُعَذِّبُهُ.

وَدُعَاءُ نُوحٍ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بِالْهَلَاكِ كَانَ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُ اللهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ مِن قَوْمِك إلَّا مَن قَد آمَنَ.

وَهَذَا لَو كَانَ مَأْمُورًا بِهِ: لَكَانَ شَرْعًا لِنُوح، ثُمَّ نَنْظُرُ فِي شَرْعِنَا هَل نَسَخَهُ أَمْ لَا؟

وَكَذَلِكَ دُعَاءُ مُوسَى بِقَوْلِهِ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: ٨٨] إذَا كَانَ دُعَاءً مَأْمُورًا بِهِ: بَقِيَ النَّظَرُ فِي مُوَافَقَةِ شَرْعِنَا لَهُ.

وَالْقَاعِدَةُ الْكُلِّيَّةُ فِي شَرْعِنَا:

أ- أَنَّ الدُّعَاءَ إنْ كَانَ وَاجِبًا أَو مُسْتَحَبًّا فَهُوَ حَسَنٌ يُثَابُ عَلَيْهِ الدَّاعِي.

ب- وَإِن كَانَ مُحَرَّمًا كَالْعُدْوَانِ فِي الدِّمَاءِ فَهُوَ ذَنْبٌ وَمَعْصِيَةٌ.

ج- وَإِن كَانَ مَكْرُوهًا فَهُوَ يُنْقِصُ مَرْتبَةَ صَاحِبِهِ.

د- وَإِن كَانَ مُبَاحًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَلَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَهَذَا هَذَا. [٨/ ٣٣٣ - ٣٣٦]

* * *


(١) لم يتضح لي معنى العبارة، ولعل صوابها: وَذَلِكَ لِأنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُعْلَمُ أرَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَو يَهْلِكَ. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>