مِن جُزْئِيٍّ إلَى كُلِّيٍّ، ثُمَّ مِن ذَلِكَ الْكُلِّيِّ إلَى الْجُزْئِيِّ الْأَوَّلِ، فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْكُلّيِّ.
وَلهَذَا كَانَ الدَّلِيلُ أَخَصَّ مِن مَدْلُولِهِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِن وُجُودِ الدَّلِيلِ وُجُودُ الْحُكْمِ وَاللَّازِمُ لَا يَكُونُ أَخَصَّ مِن مَلْزُومِهِ بَل أَعَمَّ مِنْهُ أَو مُسَاوِيهِ وَهُوَ الْمَعْنَى بِكَوْنِهِ أَعَمَّ.
وَأَمَّا قِيَاسُ التَّمْثِيلِ: فَهُوَ انْتِقَالُ الذِّهْنِ مِن حُكْمٍ مُعَيَّنٍ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ الْكُلِّيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرَكَ الْكُلِّيَّ. [٩/ ١١٨ - ١٢٠]
٦٦٠ - النَّاسُ فِي مُسَمَّى الْقِيَاسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي التَّمْثِيلِ مَجَازٌ فِي الشُّمُولِ، وَهُوَ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ.
وَالثَّانِي: الْعَكْسُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ فَإِنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْجُمْهُورِ يَنْقَسِمُ إلَى.
أ- عَقْلِيٍّ، وَهُوَ مَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْعَقْلِ.
ب- وَإِلَى شَرْعِيٍّ، وَهُوَ مَا لَا بُدَّ فِيهِ مِن أَصْلٍ مَعْلُومٍ بِالشَّرْعِ.
وَكُلٌّ مِن الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَكُلُّ مَا يُسَمَّى قِيَاسًا يَنْقَسِمُ:
أ- إلَى قِيَاسِ تَمْثِيلٍ.
ب- وَقِيَاسِ شُمُولٍ.
فَالْأَوَّلُ: إلْحَاقُ الشَّيْءِ بِنَظِيرِهِ.
وَالثَّانِي: إدْخَالُ الشَّيْءِ تَحْتَ حُكْمِ الْمَعْنَى الْعَامِّ الَّذِي يَشْمَلُهُ. [٩/ ٢٥٩]
* * *