كَفَرَ بِهِ، وَإِن كَانَ فِي الْمُؤْمِنِ بِذَلِكَ نَوْعٌ مِن الْبِدْعَةِ، سَوَاءٌ كَانَت بِدْعَةَ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ أَو غَيْرِهِمْ؛ فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى كُفَّارٌ كُفْرًا مَعْلُومًا بِالِاضْطِرَارِ مِن دِينِ الْإِسْلَامِ، وَالْمُبْتَدِعُ إذَا كَانَ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُوَافِق لِلرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - لَا مُخَالِفٌ لَهُ لَمْ يَكُن كَافِرًا بِهِ.
وَلَو قُدِّرَ أَنَّهُ يَكفُرُ: فَلَيْسَ كُفْرُهُ مِثْل كُفْرِ مَن كَذَّبَ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم -. [٣٥/ ٢٠١]
٧٦٨ - إِنَّ الَّذِي ابْتَاَع دِينَ الرَّافِضَةِ كَانَ زِنْدِيقًا يَهُودِيًّا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَبْطَنَ الْكُفْرَ لِيَحْتَالَ فِي إفْسَادِ دِينِ الْمُسْلِمِينَ -كَمَا احْتَالَ بُولص فِي إفْسَادِ دِينِ النَّصَارَى- سَعَى فِي الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ، وَفِي الْمُؤْمِنِينَ مَن يَسْتَجِيبُ لِلْمُنَافِقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: ٤٧].
ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا تَفَرَّقَت الْأُمَّةُ ابْتَدَعَ مَا ادَّعَاهُ فِي الْإِمَامَةِ مِن النَّصِّ وَالْعِصْمَةِ، وَأَظْهَرَ التَّكَلُّمَ فِي أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ، وَصَادَفَ ذَلِكَ قُلُوبًا فِيهَا جَهْلٌ وَظُلْمٌ وَإِن لَمْ تَكُنْ كَافِرَةً؛ فَظهَرَتْ بِدْعَةُ التَّشَيُّعِ الَّتِي هِيَ مِفْتَاحُ بَابِ الشِّرْكِ، ثمَّ لَمَّا تَمَكَّنَت الزَّنَادِقَةُ أَمَرُوا بِبِنَاءِ الْمَشَاهِدِ وَتَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ، مُحْتَجِّينَ بِأَنَّهُ لَا تُصَلَّى الْجُمْعَةُ وَالْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ الْمَعْصُومِ.
وَرَوَوْا فِي إنَارَةِ الْمَشَاهِدِ وَتَعْظِيمِهَا وَالدُّعَاءِ عِنْدَهَا مِن الْأَكَاذِيبِ مَا لَمْ أَجِدْ مِثْلَهُ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِن أَكَاذِيبِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ حَتَّى صَنَّفَ كَبِيرُهُم ابْنُ النُّعْمَانِ كِتَابًا فِي "مَنَاسِكَ حَجِّ الْمَشَاهِدِ"، وَكَذَبُوا فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلِ بَيْتِهِ أَكَاذِيبَ بَدَّلُوا بِهَا دِينَهُ وَغَيَّرُوا مِلَّتَهُ، وَابْتَدَعُوا الشِّرْكَ الْمُنَافِيَ لِلتَّوْحِيدِ، فَصَارُوا جَامِعِينَ بَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكَذِبِ، كَمَا قَرَنَ اللهُ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ؛ كَقَوْلِهِ: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: ٣٠، ٣١]. [٢٧/ ١٦١ - ١٦٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute