للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ؛ فَإِنَّهُم يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُم مُرْتَدُّونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِلُّونَ مِن دِمَاءِ الْكفَّارِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ شَرٌّ مَن غَيْرِهِ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ قَوْمًا يَكونونَ فِي أُمَّتِهِ: "يَخْرُجُونَ فِي فِرْقَةٍ مِن النَّاسِ سِيمَاهُم التَّحْلِيقُ" (١): وَهَذِهِ السِّيمَا سِيمَا أَوَّلِهِمْ كَمَا كَانَ ذُو الثدية؛ لا أنَّ (٢) هَذَا وَصْفٌ لَازِمٌ لَهُمْ.

وَإِنَّمَا قَوْلُنَا: إنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ الْخَوَارِجَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِثْل مَا يُقَالُ: إنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَاتَلَ الْكفَّارَ؛ أَيْ: قَاتَلَ جِنْسَ الْكُفَّارِ، وَإِن كَانَ الْكُفْرُ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً.

وَكَذَلِكَ الشِّرْكُ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَإِن لَمْ يَكُن الْاَلِهَةُ الَّتِي كَانَت الْعَرَبُ تَعْبُدُهَا هِيَ الَّتِي تَعْبُدُهَا الْهِنْدُ وَالصِّينُ وَالتُّرْكُ، لَكنْ يَجْمَعُهُم لَفْظُ الشِّرْكِ وَمَعْنَاهُ.

وَكَذَلِكَ الْخُرُوجُ وَالْمُرُوقُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَن كَانَ فِي مَعْنَى أُولَئِكَ، وَيجِبُ قِتَالُهُم بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا وَجَبَ قِتَالُ أُولَئِكَ.

وَإِن كَانَ الْخُرُوجُ عَن الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً، وَقَد بَيَّنَّا إَنَّ خرُوجَ الرَّافِضَةِ وَمُرُوقَهُم أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ.

وأمَّا قَتْلُ الْوَاحِدِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِن الْخَوَارِجِ؛ كالحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ (٣): فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَن الْإِمَامِ أَحْمَد، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْوَاحِدِ مِنْهُم؛ كَالدَّاعِيَةِ إلَى مَذْهَبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَن فِيهِ فَسَادٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُم فَاقْتُلُوهُمْ"، وَقَالَ: "لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُم قَتْلَ


(١) رواه مسلم (١٠٦٥).
(٢) في الأصل: (لأنَّ .. )، ولعل الصواب المثبت؛ لاقتضاء السياق له.
(٣) الشيخ يرى أن الروافض من الخوارج، كما قرره سابقًا، وصرح به هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>