للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَادٍ"، وَقَالَ عُمَرُ لِصَبِيغِ بْنِ عِسْلٍ: لَو وَجَدْتُك مَحْلُوقًا لَضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك، وَلِأنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَبَأٍ أَوَّلَ الرَّافِضَةِ حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ.

وَلِأنَّ هَؤُلَاءِ مِن أعْظَمِ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأرْضِ.

فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ فَسَادُهُم إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلُوا، وَلَا يَجِبُ قَتْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم إذَا لَمْ يُظْهِرْ هَذَا الْقَوْلُ (١) أَو كَانَ فِي قَتْلِهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ (٢).

وَلِهَذَا تَرَكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلَ ذَلِكَ الْخَارِجِيُّ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ، وَلَمْ يَكُن إذ ذَاكَ فِيهِ فَسَادٌ عَامٌّ؛ وَلِهَذَا تَرَكَ عَلِي قَتْلَهُم أَوَّلَ مَا ظَهَرُوا؛ لِأَنَّهُم كَانُوا خَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانُوا دَاخِلِينَ فِي الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ظَاهِرًا، لَمْ يُحَارِبُوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَكُن يَتبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُم هُمْ.

وَأَمَّا تَكْفِيرُهُم وَتَخْلِيدُهُم: فَفِيهِ أَيْضًا لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَن أَحْمَد، وَالْقَوْلَانِ فِي الْخَوَارجِ وَالْمَارِقِينَ مِن الحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ.

وَالصَّحِيحُ: أَنَّ هَذِهِ الْأقْوَالَ الَّتِي يَقُولُونَهَا الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كُفْرٌ، وَكَذَلِكَ أَفْعَالُهُم الَّتِي هِيَ مِن جِنْسِ أَفْعَالِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ هِيَ كُفْرٌ أَيْضًا.

لَكِنْ تَكْفِيرُ الْوَاحِدِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُم وَالْحُكْمُ بِتَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ: مَوْقُوفٌ عَلَى ثُبُوتِ شُرُوطِ التَّكْفِيرِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ، فَإِنَّا نُطْلِقُ الْقَوْلَ بِنُصُوصِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّكْفِيرِ وَالتَّفْسِيقِ، وَلَا نَحْكُمُ لِلْمُعَيَّنِ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِّ حَتَّى يَقُومَ فِيهِ


(١) ونحن علينا الظاهر، ولم نكلف أن نفتش عن نواياهم.
(٢) كان يكون داعية إلى عقيدته الفاسدة، وقتله -لدفع شرّه- يُسبب فسادًا كبيرًا كهذا الزمان، حيث انتشرت وسائل الأعلام الحاقدة على أهل السُّنَّة والمدافعة عن الرافضة غالبًا، وستنقل الحدث بصورة غير صحيحة، وتُذيعُ بأن الدولة تضطهد الأقليّات ونحو ذلك، وربما قام أتباعه بفتن كثيرة واضطرابات خطيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>