فَيَعْلَمُ أَنَّ الْحِكْمَةَ وَالْعَدْلَ فِيمَا اقْتَضَاهُ عِلْمُهُ وَحِكْمَتُهُ (١) لَا فِيمَا اقْتَضَاهُ عِلْمُ الْعَبْدِ وَحِكْمَتُهُ، وَيكُونُ هَوَاهُ تبَعًا لِمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ مَعَ أَمْرِ اللهِ وَحُكْمِهِ هَوًى يُخَالِفُ ذَلِكَ. [١٠/ ٢٨٨]
٨٠٠ - أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِي يُعَظِّمُ نَفْسَهُ بِالْبَاطِلِ يُرِيدُ أَنْ يَنْصُرَ كُلَّ مَا قَالَهُ وَلَو كَانَ خَطَأً؟ [١٠/ ٢٩٢]
٨٠١ - كَوْنُ الْإِنْسَانِ فرِيدًا لِمَا أُمِرَ بِهِ أَو كَارِهًا لَهُ فَهَذَا لَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ الشَّرَائِعُ؛ بَل وَلَا أَمْرُ عَاقِلٍ؛ بَل الْإِنْسَانُ مَأمُورٌ بِمُخَالَفَةِ هَوَاهُ. [١٠/ ٢٤٦]
٨٠٢ - أَقَامَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَدَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَامَ الْفَتْحِ أَقَامَ بِهَا قَرِيبًا مِن عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَأَتَاهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَ لَيَالٍ وَغَارُ حِرَاءٍ قَرِيبٌ مِنْهُ وَلَمْ يَقْصِدْهُ. [١٠/ ٣٩٤]
٨٠٣ - اتِّبَاعُ الْهَوَى يُرَادُ بِهِ نَفْسُ مُسَمَّى الْمَصْدَرِ؛ أَيْ: اتِّبَاعُ إرَادَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، الَّتِي هِيَ هَوَاهُ، وَاتِّبُاعُ الْإِرَادَةِ هُوَ فِعْلُ مَا تَهْوَاهُ النَّفْسُ. [١٠/ ٥٨٥]
٨٠٤ - يَبْقَى الْإِنْسَانُ عِنْدَ شَهْوَتِهِ وَهَوَاهُ أَسِيرًا لِذَلِكَ، مَقْهُورًا تَحْتَ سُلْطَانِ الْهَوَى، أَعْظَمَ مِن قَهْرِ كُلِّ قَاهِرٍ، فَإِنَّ هَذَا الْقَاهِرَ الْهَوَائِيَّ الْقَاهِرَ لِلْعَبْدِ هُوَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهِ، لَا يُمْكِنُهُ مُفَارَقَتُهُ أَلْبَتَّةَ. [١٠/ ٥٨٧]
٨٠٥ - اتِّبَاعُ الْهَوَى دَرَجَاتٌ:
فَمِنْهُم الْمُشْرِكُونَ وَاَلَّذِينَ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا يَسْتَحْسِنُونَ بِلَا عِلْمٍ وَلَا بُرْهَانٍ، كَمَا قَالَ: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: ٤٣]؛ أَيْ: يَتَّخِذُ إلَهَهُ الَّذِي يَعْبُدُهُ وَهُوَ مَا يَهْوَاهُ مِن آلِهَةٍ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّ هَوَاهُ نَفْسُ إلَهِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَن يَهْوَى شَيْئًا يَعْبُدُهُ، فَإِنَّ الْهَوَى أَقْسَامٌ؛ بَل الْمُرَادُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَعْبُودَ الَّذِي يَعْبُدُهُ هُوَ مَا يَهْوَاهُ، فَكَانَت عِبَادَتُهُ تَابِعَةً لِهَوَى نَفْسِهِ فِي الْعِبَادَة.
(١) أي: علم الله وحكمته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute