للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذِهِ حَالُ "أَهْلِ الْبِدَعِ" فَإِنَّهُم عَبَدُوا غَيْرَ اللهِ وَابْتَدَعُوا عِبَادَاتٍ زَعَمُوا أَنَّهُم يَعْبُدُونَ اللهَ بِهَا.

وَالْمُبْتَلُونَ بِالْعِشْقِ لَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ يُمَثِّلُ لِأَحَدِهِمْ صُورَةَ الْمَعْشُوقِ، أَو يَتَصَوَّرُ بِصُورَتِهِ، فَلَا يَزَالُ يَرَى صُورَتَهُ مَعَ مَغِيبِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنَّمَا جَلَاهُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَلْبِهِ، وَلِهَذَا إذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ اللهَ الذِّكْرَ الَّذِي يَخْنِسُ مِنْهُ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ (١): خَنَسَ هَذَا الْمِثَالُ الشَيْطَانِيُّ (٢).

وَصُورَةُ الْمَحْبُوبِ تَسْتَوْلِي عَلَى الْمُحِبِّ أَحْيَانًا حَتَّى لَا يَرَى غَيْرَهَا وَلَا يَسْمَعَ غَيْرَ كَلَامِهَا فَتَبْقَى نَفْسُهُ مُشْتَغِلَةً بِهَا. [١٠/ ٥٩٢ - ٥٩٣]

٨٠٦ - الشَّهْوَةُ تَفْتَحُ بَابَ الشَّرِّ وَالسَّهْوِ وَالْخَوْفِ (٣)، فَيَبْقَى الْقَلْبُ مَغْمُورًا فِيمَا يَهْوَاهُ وَيخْشَاهُ، غَافِلًا عَنِ اللهِ، سَاهِيًا عَن ذِكْرِهِ، قَد اشْتَغَلَ بِغَيْرِ اللهِ، قَد انْفَرَطَ أَمْرُهُ، قَد رَانَ حُبُّ الدُّنْيَا عَلَى قَلْبِهِ. [١٠/ ٥٩٧]

٨٠٧ - طَالِبُ الرِّئَاسَةِ - وَلَو بِالْبَاطِلِ - تُرْضِيهِ الْكلِمَةُ الَّتِي فِيهَا تَعْظِيمُهُ وَإِن كَانَت بَاطِلًا، وَتُغْضِبُهُ الْكَلِمَةُ الَّتِي فِيهَا ذَمُّهُ وَإِن كَانَت حَقًّا.

وَكَذَلِكَ طَالِبُ الْمَالِ - وَلَو بِالْبَاطِلِ - كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨)} [التوبة: ٥٨] وَهَؤُلَاءِ هُم الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: "تَعِسَ عَبْدُ الدَّينَارِ" (٤) الْحَدِيثَ.

فَكَيْفَ إذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْقَلْبِ مَا هُوَ أَعْظَمُ اسْتِعْبَادًا مِن الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ مِن الشَّهَوَاتِ وَالأهْوَاءِ؟! [١٠/ ٥٩٩ - ٦٠٠]

٨٠٨ - نَفْسُ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ؛ بَل عَلَى اتِّبَاعِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، فَإِذَا كَانَت النَّفْسُ تَهْوَى وَهُوَ يَنْهَاهَا كَانَ نَهْيُهُ عِبَادَةً للهِ وَعَمَلًا صَالِحًا، وَثَبَتَ


(١) فليس كلّ ذكر ينفع ويطرد الشيطان من القلب، بل هو الذكر الذي تواطأ عليه القلب واللسان، وقاله صاحبه لإخلاص وصدق وإيمان.
(٢) فالذكر من أعظم أسباب علاج الُمْبتَلِين بالعشق والحب.
(٣) يخاف من فقد ما يشتهيه ويُحبه.
(٤) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>