للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "الْمُجَاهِدُ مَن جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللهِ" (١)، فَيُؤْمَرُ بِجِهَادِهَا كَمَا يُؤْمَرُ بِجِهَادِ مَن يَأْمُرُ بِالْمَعَاصِي وَيدْعُو إلَيْهَا وَهُوَ إلَى جِهَادِ نَفْسِهِ أَحْوَجُ. [١٠/ ٦٣٥ - ٦٣٦]

٨٠٩ - سَمَاعُ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ: وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ لِسَمَاع القصَائِدِ الرَّبَّانِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ بِكَفِّ أَو بِقَضِيبٍ أَو بِدُفٍّ، أَو كَانَ مَعَ ذَلِكَ شَبَّابًةٌ، فَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ لَا مِن أَهْلِ الصُّفَّةِ وَلَا مِن غَيْرِهِمْ؛ بَل وَلَا مِن التَّابِعِينَ بَل الْقُرُونُ الْمُفَضَّلَةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ الْقُرُونِ الَّذِينَ بُعِثْت فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" (٢) لَمْ يَكُن فِيهِمْ أَحَدٌ يَجْتَمِعُ عَلَى هَذَا السَّمَاعِ لَا فِي الْحِجَازِ وَلَا فِي الشَّامِ وَلَا فِي الْيَمَنِ وَلَا الْعِرَاقِ وَلَا مِصْرَ وَلَا خُرَاسَانَ وَلَا الْمَغْرِبِ، وَإِنَّمَا كَانَ السَّمَاعُ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ سَمَاعُ الْقُرْآنِ. [١٦/ ٥٧ - ٥٨]

٨١٠ - كَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ أَهْلَ الْبِدَعِ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ (٣). [١١/ ٤٥٣]

٨١١ - فَأَمَّا الِانْتِسَابُ الَّذِي يُفَرِّق بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِيهِ خُرُوجٌ عَن الْجَمَاعَةِ والائتلاف إلَى الْفُرْقَةِ، وَسُلُوكِ طَرِيقِ الِابْتِدَاعِ، وَمُفَارَقَةِ السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ، فَهَذَا مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ وَيأَثَمُ فَاعِلُهُ، وَيخْرُجُ بِذَلِكَ عَن طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - (٤). [١١/ ٥١٤]


(١) رواه أبو داود (١٤٥١)، والترمذي (١٦٢١)، وصحَّحه الألباني.
(٢) رواه مسلم (٢٥٣٥)، وأبو داود (٤٦٥٧).
(٣) وذلك لأنه لا يبتدع الإنسان بدعةً إلا لهوى في قلبه، فمتى سلم الإنسان من اتباع هواه فارق البدع والانحراف العقديّ والمنهجيّ.
(٤) يدل كلام شيخ الإسلام على أنه لا باس بالِانْتِسَابِ الَّذِي لا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وإنما يُنظم عملهم، ويزيد من عطائهم، والحاجةُ إلى تَأْلِيفِ الْجَمْعِياتِ الدِّينيَّةِ وَالْخَيْرِئةِ وَالْعِلْمِيَّةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ في كثير من بلاد المسلمين من أهم الأمور، ولذلك قال العلَّامة محمد رشيد رضى رحمه الله تعالى: كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي الصَّدْرِ الْأوَّلِ جَمَاعَةً وَاحِدَةً، يَتَعَاوَنُونَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى عَنْ غَيْرِ ارْتبَاطٍ بِعَهْدٍ وَنِظَام بَشَرِيٍّ، كَمَا هُوَ شَأْنُ الْجَمْعِيَّاتِ الْيَوْمَ، فَإِنَّ عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ كَانَ مُغْنِيًا لَهُمْ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَد شهِدَ اللهُ - تَعَالَى - لَهُمْ بِقَوْلِهِ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠]. =

<<  <  ج: ص:  >  >>