للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨١٥ - إذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ الَّتِي تُخَالِفُ دِينَ الرُّسُلِ انْتَقَمَ اللهُ مِمَن خَالَفَ الرُّسُلَ وَانْتَصَرَ لَهُمْ. [١٣/ ١٧٧]

٨١٦ - مَن دَفَعَ نُصُوصًا يَحْتَجُّ بِهَا غَيْرُهُ لَمْ يُؤْمِن بِهَا؛ بَل آمَنَ بِمَا يَحْتَجُّ: صَارَ مِمَن يُؤْمِنُ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَيَكْفُرُ بِبَعْضِ (١).

وَهَذَا حَالُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، هم مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ، مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ، مُتَّفِقُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، وَقَد تَرَكُوا كُلُّهُم بَعْضَ النُّصُوصِ، وَهُوَ مَا يَجْمَعُ تِلْكَ الْأقْوَالَ (٢)، فَصَارُوا كمَا قَالَ - تعالى - عَن أَهْلِ الْكِتَاب: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: ١٤].

فَإِذَا تَرَكَ النَّاسُ بَعْضَ مَا أَنْزَلَ اللهُ وَقَعَتْ بَيْنَهُم الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ، إذ لَمْ يَبْقَ هُنَا حَقٌّ جَامِعٌ يَشْتَرِكُونَ فِيهِ؛ بَل {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣)} [المؤمنون: ٥٣].

وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُم لَيْسَ مَعَهُم مِن الْحَقِّ إلَّا مَا وَافَقُوا فِيهِ الرَّسُولَ، وَهُوَ مَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِن شَرْعِهِ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ وَمَا أَمَرَ بِهِ، وَأَمَّا مَا ابْتَدَعُوهُ فَكُلُّهُ ضَلَالَةٌ. [١٣/ ٢٢٧]

٨١٧ - اَلَّذِينَ فِي قلُوبِهِم زَيْغٌ يَدَعُونَ الْمُحْكَمَ الَّذِي لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ … وَيتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ لِيَفْتِنُوا بِهِ النَّاسَ إذَا وَضَعُوهُ عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهِ، وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَهُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا (٣). [١٣/ ٢٧٧]


(١) كلام في غاية الأهميّة، ومعنى كلامه: أنّ مَن دَفَعَ نُصُوصًا صحيحةً يَحْتَجُّ بِهَا غَيْرُهُ، ولَمْ يُؤمِن بِهَا ويُسلّم ويُذعن لَهَا، بل أوّلها أو ردّها بلا حجة، وآمَنَ بِمَا يَحْتَجُّ به من الأدلة: صَارَ مِمَن يُؤمِنُ بِبَعْضِ الْكِتَاب وَيكْفُرُ بِبَعْضِ؛ لأنه آمن بالنصوص التي يميل إليها، وردّ النصوص التي لا تميل نفسه إليهَا؛ لأنها جاءت مُعارضة لرأيه ومذهبِه.
(٢) أي: النصوص الشرعيّة تجمع بين أقوال المخالفين وتُوافق بينها غالبًا.
(٣) خذ مثالًا على ذلك:
الخوارج المارقون، فهم تركوا المحكم الصريح من الكتاب والسُّنَّة في تحريم قتل المسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>