وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نِسَاؤُهُم الْمُومِنَاتُ رَأَيْنَ اللهَ فِي مَنَازِلهِنَّ فِي الْجَنَّةِ رُؤْية اقْتَضَتْ زِيَادَةَ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ -إذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الرُّؤْيةَ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ-، كَمَا أَنَّهُم فِي الدُّنْيَا كَانَ الرّجَالُ يَرُوحُونَ إلَى الْمَسَاجِدِ فَيَتَوَجهُونَ إلَى اللهِ هُنَالِكَ، وَالنِّسَاءُ فِي بُيُوتِهِنَّ يَتَوَجَّهْنَ إلَى اللهِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَالرِّجَالُ يَزْدَادونَ نُورًا فِي الدُّنْيَا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ يَزْدَدْنَ نُورًا بِصَلَاتِهِنَّ كَل بِحَسَبِهِ، وَاللهُ سُبْحَانَهُ لَا يَشْغَلُهُ شَأنٌ عَن شَأنِ. [٦/ ٤٠١ - ٤٠٨]
٨٧٨ - مَا عَلِمْنَا أَحَدًا جَمَعَ فِي هَذَا الْبَابِ [أي: باب الرّؤْيَةِ] أكْثَرَ مِن كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الآجري، وَأَبِي نُعَيْمٍ الْحَافِظِ الأصبهاني. [٦/ ٤٠١]
٨٧٩ - فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (١) عَن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البجلي قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذ نَظَرَ إلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَدَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيتِهِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا"، ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: ١٣٠].
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِن أَصَحِّ الْأَحَادِيثِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ الْمُتَلَقَّاةِ بِالْقَبُولِ، الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ وَسَائِرِ أهْلِ السُّنَّةِ.
وَمَعْلُومٌ أَن تَعْقِيبَ الْحُكْمِ لِلْوَصْفِ أو الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ بِحَرْفِ الْفَاء: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ عِلَّةٌ لِلْحُكْم.
وَالتَّعْقِيبُ الَّذِي يَقُولُهُ النَّحْوِيُّونَ: لَا يَعْنونَ بِهِ أَنَّ اللَّفْظَ بِالثَّانِي يَكونُ بَعْدَ الْأوَّلِ؛ فَإِنَّ هَذَا مَوْجُود بِالْفَاءِ وَبِدُونهَا وَبِسَائِرِ حُرُوفِ الْعَطْفِ، وَإِنَّمَا يَعْنُونَ بِهِ مَعْنَى أَنَّ التَّلَفُّظَ الثَّانِيَ يَكُون عَقِبَ الْأوَّلِ، فَإِذَا قُلْت: قَامَ زيدٌ فَعَمْرٌو أَفَادَ أَنَّ قِيَامَ عَمْرٍو مَوْجُودٌ فِي نَفْسِهِ عَقِبَ قِيَامِ زيدٍ.
(١) البخاري (٥٥٤)، ومسلم (٦٣٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute