للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذَا قِيلَ: هَذَا رَجُلٌ صَالِحٌ فَأَكْرِمْهُ: فُهِمَ مِن ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاحَ سَبَبٌ لِلْأَمْرِ بِإِكْرَامِهِ، حَتَّى لَو رَأَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا لَقِيلَ كَذَلِكَ.

فَقَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاَتَيْنِ" … : يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا هُنَا لِأَجْلِ ابْتِغَاءِ هَذِهِ الرُّؤيَةِ، وَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَافَظَةَ سَبَبٌ لِهَذِهِ الرُّؤَيةِ، وَلَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ الْمُحَافَظَةُ تُوجِبُ ثَوَابًا آخَرَ، ويُؤْمَرُ بِهَا لِأَجْلِهِ، وَأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا سَبَبٌ لِذَلِكَ الثَّوَابِ، وَأَنَّ لِلرُّويَةِ سَبَبًا آخَرَ؛ لِأَنَّ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَل وَاقْتِضَاءَ الْعِلَّةِ الْوَاحِدَةِ لِأَحْكَامِ: جَائِز.

أَقُولُ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُنَّ (١) يَرَيْنَهُ -سبحانه-: أَنَّ النُّصُوصَ الْمُخْبِرَةَ بِالرُّؤْيَةِ فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ تَشْمَلُ النِّسَاءَ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَلَمْ يُعَارِضْ هَذَا الْعُمُومُ مَا يَقْتَضِي إخْرَاجَهُنَّ مِن ذَلِكَ، فَيَجِبَ الْقَوْلُ بِالدَّلِيلِ السَّالِمِ عَن الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ. [٦/ ٤٢١ - ٤٣٠]

٨٨٠ - أَجْمَعَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللهَ بِأَبْصَارِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُم لَا يَرَوْنَهُ فِي الدُّنْيَا بِأَبْصَارِهِمْ، وَلَمْ يَتَنَازَعُوا إلَّا فِي النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

وَثَبَتَ عَنْهُ فِي "الصَّحِيحِ" (٢)؛ أنَّه قَالَ: "وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ. [٦/ ٥١٢]

* * *


(١) أي: نساء أهل الجنة.
(٢) لم أجده في الصحيح، وهو عند الترمذي (٢٢٣٥)، بلفظ: "تعلمون أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت".

<<  <  ج: ص:  >  >>