٩٥٦ - الرضى والتوكل يكتنفان المقدور؛ فالتوكل قبل وقوعه، والرضى بعد وقوعه.
وأما ما يكون قبل القضاء فهو عزم على الرضى لا حقيقة الرضا؛ ولهذا كان طائفة من المشايخ يعزمون على الرضى قبل وقوع البلاء، فإذا وقع انفسخت عزائمهم.
ولهذا كره للمرء أنْ يتعرض للبلاء، بأن يوجب على نفسه ما لا يوجبه الشارع عليه بالعهد والنذر ونحو ذلك، أو يطلب ولاية، أو يقدم على بلد فيه طاعون. [١٠/ ٣٧ - ٣٨]
وَسُئِلَ بَعْضُ الْعَرَبِ عَن شَيءٍ مِن أَمْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ:"رَأَيْته يَغْلِبُ فَلَا يَبْطَرُ". [٢/ ٣٢٧]
٩٥٨ - ولهذا كان الصبر واجبًا باتفاق المسلمين على أداء الواجبات، وترك المحظورات. ويدخل في ذلك الصبر على المصائب عن أن يجزع فيها، والصبر عن اتباع أهواء النفوس فيما نهى الله عنه.
وقد ذكر الله الصبر في كتابه في أكثر من تسعين موضعًا. [١٠/ ٣٩]
٩٥٩ - الحمد على الضراء يوجبه مشهدان:
أحدهما: علم العبد بأن الله سبحانه مستوجب لذلك، مستحق له لنفسه.
والثاني: علمه بأن اختيار الله لعبده المؤمن، خير من اختياره لنفسه.
ولهذا أجيب من أورد هذا على ما يقضي على المؤمن من المعاصي بجوابين:
أحدهما: أن هذا إنما يتناول ما أصاب العبد لا ما فعله العبد.
والجواب الثاني: أن هذا في حق المؤمن الصبار الشكور، والذنوب