للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّوْبَةِ مِن الْمَعَاصِي وَالْإِصْلَاحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ يَنْفَعُهُم وَهُوَ مَقْدُورٌ لَهُم بِمَعُونَةِ اللهِ لَهُمْ. [١٠/ ٥٠٥]

٩٦٣ - قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْأَمْرُ أَمْرَانِ: أَمْرٌ فِيهِ حِيلَةٌ، وَأَمْرٌ لَا حِيلَةَ فِيهِ.

فَمَا فِيهِ حِيلَةٌ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ، وَمَا لَا حِيلَةَ فِيهِ لَا يَجْزَعُ مِنْهُ. [١٠/ ٥٠٧]

وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الدِّينِ.

٩٦٤ - قَالَ تَعَالَى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا (١) وَتَتَّقُوا (٢) فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦)} [آل عمران: ١٨٦]، فَأَخْبَرَهُم أَن أَعْدَاءَهُم مِن الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ لَا بُدَّ أَنْ يُؤْذُوهُم بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُم إنْ يَصْبِرُوا وَيتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِن عَزْمِ الْأُمُورِ.

فَالصَّبْرُ وَالتَّقْوَى يَدْفَعُ شَرَّ الْعَدُوِّ الْمُظْهِرِ لِلْعَدَاوَةِ الْمُؤْذِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَالْمُؤْذِينَ بِأَيْدِيهِمْ، وَشَرُّ الْعَدُوِّ الْمُبْطِنُ لِلْعَدَاوة، وَهُم الْمُنَافِقُونَ.

وَهَذَا الَّذِي كَانَ خُلُقُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَهَدْيُهُ هُوَ أَكْمَلُ الْأُمُورِ. [١٠/ ٥٠٨]

٩٦٥ - في الحديث الصَّحِيحِ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدري عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفّهُ اللهُ، وَمَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِن الصَّبْرِ" (٣).

فَالْمُسْتَغْنِي لَا يَسْتَشْرِفُ بِقَلْبِهِ، والْمُسْتَعِفُّ هُوَ الَّذِي لَا يَسْألُ النَّاسَ


(١) بألَّا تستعجلوا في الرد عليهم وقتالهم، فإنّ ذلك يُحدث من الشرور والآفات أضعاف ما يُحدثه الصبر على أذاهم، والتريث إلى أنْ تجتمع كلمة المسلمين في الموقف الصحيح منهم.
والكفار والفجار قد يستفزون المسلمين، ويستثيرون مشاعرهم، لكي يقوموا بأعمال تضرهم وتُؤلّب الناس عليهم، كما هو مُشاهد وملموس.
(٢) وذلك بالقيام بالعدل والإنصاف، وعدم الظلم والمبالغة في العقوبة والردّ.
(٣) رواه البخاري (١٤٦٩)، ومسلم (١٠٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>