فإِنَّ الصَّبْرَ مَعَ الْقُدْرَةِ جِهَادٌ؛ بَل هُوَ مِن أَفْضَلِ الْجِهَادِ، وَأَكْمَلُ مِن ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا): أَنَ الصَّبْرَ عَن الْمُحَرَّمَاتِ أَفْضَلُ مِن الصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ.
(الثانِي): أَنَّ تَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَطَلَبَ النَّفْسِ لَهَا أَفْضَلُ مِن تَرْكِهَا بِدُونِ ذَلِكَ.
(الثالِثُ): أَنَ طَلَبَ النَّفْسِ لَهَا إذَا كَانَ بِسَبَبِ أَمْرٍ دِينِيِّ -كَمَنَ خَرَجَ لِصَلَاةٍ أَو طَلَبِ عِلْم أَو جِهَادٍ- فَابْتُلِيَ بِمَا يَمِيلُ إلَيْهِ مِن ذَلِكَ فَإِنَّ صَبْرَهُ عَن ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ فِعْلَ الْمَأْمُورِ وَتَرْكَ الْمَحْظُورِ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَالَتْ نَفْسُهُ إلَى ذَلِكَ بِدُونِ عَمَلٍ صَالِحٍ. [١٠/ ٥٧٥ - ٥٧٧]
٩٦٦ - إذَا ابْتَلَى اللهُ الْعَبْدَ وَقَدَّرَ عَلَيْهِ أَعَانَهُ، وإذَا تَعَرَّضَ الْعَبْدُ بِنَفْسِهِ إلَى الْبَلَاءِ وَكَلَهُ اللهُ إلَى نَفْسِهِ.
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: "لَا تَسْأَل الإِمَارَةَ، فَإِنَّك إنْ أُعْطِيتهَا عَن مَسْأَلةٍ وُكِلْتَ إلَيْهَا، وَإِن أُعْطِيتهَا عَن غَيْرِ مَسْأَلةٍ أُعِنْت عَلَيْهَا" (١).
فَمَن فَعَلَ مَا أمَرَهُ اللهُ بِهِ فَعَرَضَتْ لَهُ فِتْنَةٌ مِن غَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَإِنَّ اللهَ يُعِينُهُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَن تَعَرَّضَ لَهَا.
لَكِنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ، فَإِنَّ الرَّجُلَ قَد يَسْأَل الْإِمَارَةَ فَيُوكَلُ إلَيْهَا ثُمَّ يَنْدَمُ فَيَتُوبُ مِن سُؤَالِهِ فَيَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِ وَيُعِينُهُ، إمَّا عَلَى إقَامَةِ الْوَاجِبِ وَإِمَّا عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْفِتَنِ. [١٠/ ٥٧٧ - ٥٧٨]
٩٦٧ - إِنَّ اللهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ بِالْهَجْرِ الْجَمِيلِ، وَالصَّفْحِ الْجَمِيلِ، وَالصَّبْرِ الْجَمِيلِ.
(١) رواه البخاري (٦٦٢٢)، ومسلم (١٦٥٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute