للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٩٩٥ - إذَا عوقِبَ الْمُعْتَدُونَ مِن جَمِيع الطَّوَائِفِ، وَأُكْرِمَ الْمُتَّقُونَ مِن جَمِيعِ الطَّوَائِفِ: كَانَ ذَلِكَ مِن أَعْظَمِ الْأسْبَابِ التِي تُرْضِي اللهَ وَرَسُولَهُ -صلى الله عليه وسلم-، وَتُصْلِحُ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ. [٣/ ٤٢٣]

٩٩٦ - قَالَ تَعَالَى حِكايَةً عَن لُقْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)} [لقمان: ١٧]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)} [الشورى: ٤١ - ٤٣].

فَهُنَاكَ فِي قَوْلِ لُقْمَانَ ذَكَرَ الصَّبْرَ عَلَى الْمُصِيبَةِ فَقَالَ: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}، وَهُنَا ذَكَرَ الصَّبْرَ وَالْعَفْوَ فَقَالَ: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.

وَذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ} [الشورى: ٤١، ٤٢]، فَذَكَرَ سُبْحَانَه الْأصْنَافَ الثَّلَاثَةَ فِي بَابِ الظُّلْمِ الَّذِي يَكُونُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَظْلُومِ، وَهُم: الْعَادِلُ وَالظَّالِمُ وَالْمُحْسِن.

فَالْعَادِلُ: مَن انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ، وَهَذَا جَزَاؤُهُ أَنَّهُ مَا عَلَيْهِ مِن سَبِيلٍ، فَلَمْ يَكُن بِذَلِكَ مَمْدُوحًا وَلَكِنْ لَمْ يَكن بِذَلِكَ مَذْمُومًا.


= لَا يُثْبتُ ذَلِكَ الْأمْرَ، وَإِذَا لَمْ يُثبتْهُ لَمْ ينبنِ عَلَيْهِ حُكْمٌ، وَتَحْسِينُ الظن بالْأفْعَالِ مِن ذَلِكَ، فَلَا يَنْبَنِيَ عَلَيْهَا حُكْمٌ. اهـ. تهذيب كَتاب الموافقات، للمؤلف (ص ٥٣٧).
واستثنى العلَّامة ابن القيِّم رحمه الله إحسان الظن بالناس: القاضي، فقال: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكونَ بَصِيرًا بِمَكْر النَّاسِ وَخِدَاعِهِمْ وَأحْوَالِهِمْ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ بِهِم، بَلْ يَكُونُ حَذِرًا فَطِنًا فَقِيهًا بَأَحْوَالِ النَّاسِ وَأمُورِهِمْ، يُوَازِره فِقْهُهُ فِي الشَّرْع، وَإِن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ زَاغَ وَأزَاغَ، وَكَمْ مِنْ مَسأَلَةٍ ظَاهِرُهَا ظَاهِرٌ جَمِيلٌ، وَبَاطِنُهَا مَكْرٌ وَخِدَاَعٌ وَظُلْمٌ؟ فَالْغِرُّ يَنْظُرُ إلَى ظَاهِرِهَا ويقْضِي بِجَوَازِهِ، وَذُو الْبَصِيرَةِ يَنْقُدُ مَقْصِدَهَا وَبَاطِنَهَا ..
وَكَمْ مِنْ بَاطِلِ يُخْرِجُهُ الرَّجُلُ بِحُسْنِ لَفْظِهِ وَتَنْمِيقِهِ وَإِبْرَازِهِ فِي صُورَةِ حَقٍّ؟ وَكَمْ مِنْ حَقٍّ يُخْرِجُهُ بِتَهْجِينهِ وَسُوءِ تَعْبِيرِهِ فِي صُورر بَاطِلٍ؟. اهـ. أعلام الموقعين (٢/ ٥٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>