للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَثِيمٍ (٢٢٢)} [الشعراء: ٢٢١، ٢٢٢]، وَقَالَ: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧)} [الجاثية: ٧].

وَلهَذَا يُذْكَرُ أَنَّ بَعْضَ الْمَشَايخِ أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّبَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ لَهُم ذُنُوبٌ كَثِيرَةٌ فَقَالَ: يَا بنَيَّ، أَنَا آمُرُك بِخَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَاحْفَظْهَا لِي، وَلَا آمُرُك السَّاعَةَ بِغَيْرِهَا، الْتَزِمْ الصّدْقَ، وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ، فَلَمَّا الْتَزَمَ ذَلِكَ الصِّدْقَ دَعَاهُ إلَى بَقِيَّةِ الْخَيْرِ، وَنَهَاهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْفَاجِرَ لَا حَدَّ لَهُ فِي الْكَذِبِ (١). [١٥/ ٢٤٦ - ٢٤٧]

١٠١٠ - هُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ ويكْرَهُ سَفْسَافَهَا، وَهُوَ يُحِبُّ الْبَصرَ النَّافِذ عِنْدَ وُزودِ الشُّبُهَاتِ، وَيُحِبُّ الْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّهَوَاتِ. [١٦/ ٣١٧]

١٠١١ - الصِّدْقُ أَسَاسُ الْحَسَنَاتِ وَجِمَاعُهَا، وَالْكَذِبُ أَسَاسُ السَّيّئَاتِ وَنِظَامُهَا، وَيظْهَرُ ذَلِكَ مِن وُجُوهٍ:

أ- أَنَّ الصَّادِقَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، وَالْكَاذِبَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢)} [الشعراء: ٢٢١، ٢٢٢].

ب- أَنَّ الْمَشَايِخَ الْعَارِفِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَسَاسَ الطَّرِيقِ إلَى اللهِ هُوَ الصِّدْقُ وَالْإِخْلَاصُ (٢). وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ؛ كقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} [التوبة: ١١٩]. [٢٠/ ٧٥ - ٧٨]

١٠١٢ - يَقَعُ الْغَلَطُ فِي الْوَرَعِ مِن ثَلَاثِ جِهَاتٍ:


(١) وهذا من فقه هذا الشيخ، فلو أنه لو أوصاه بالتوبة من جميع ذنوبه، والْتزام جميع الواجبات وشرائع الدين لَمَا وعده بالوفاء، وأجابَ طلبه، وإن وافقه في الظاهر لَعَقَد العزم على مُخالفته في الباطن، ولكن أوصاه بالتمسك بفضيلة واحدة، التي ما إن يتمسك بها حتى تجره إلى بقية الفضائل.
(٢) ومعنى الصدق؛ بذل الوسع في العمل، والجد فيه، والإخلاص: ألا تنوي بعملك غير وجه الله تعالى، قال ابن القيِّم رحمه الله: الفرق بين الصدق والإخلاص: أن للعبد مطلوبًا وطالِبًا، فالإخلاص: توحيد مطلوبه، والصدق: توحيد طلبه. فالصدق بذل الجهد، والإخلاص إفراد المطلوب. مدارج السالكين (١/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>