للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّهُ قَالَ: مَا أَحْسَنْتُ إلَى أَحَدٍ وَمَا أَسَأْتُ إلَى أَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَحْسَنْتُ إلَى نَفْسِي، وَأَسَأْتُ إلَى نَفْسِي، قَالَ تَعَالَى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧]، وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: ٤٦].

وَلَو لَمْ يَكُن الْإِحْسَانُ إلَى الْخَلْقِ إحْسَانًا إلَى الْمُحْسِنِ يَعُود نَفْعُهُ عَلَيْهِ: لَكَانَ فَاعِلًا إثْمًا أَو ضَرَرًا؛ فَإِنَّ الْعَمَلَ الَّذِي لَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى فَاعِلِهِ: إمَّا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ، وَإِمَّا شَرٌّ مِنْ الْعَبَثِ إذَا ضَرَّ فَاعِلَهُ. [٣٠/ ٣٦٤ - ٣٦٥]

١٠١٧ - قَالَ تَعَالَى لِنَبِيّهِ -صلى الله عليه وسلم-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)} [الأعراف: ١٩٩]، هَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا جِمَاعُ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مَعَ النَّاسِ:

أ- إمَّا أَنْ يَفْعَلُوا مَعَهُ (غَيْرَ) (١) مَا يُحِبُّ.

ب- أَو مَا يَكْرَهُ.

فَأَمِرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُم مَا يُحِبُّ مَا سَمَحُوا بِهِ، وَلَا يُطَالِبَهُم بِزِيَادَةٍ.

وَإِذَا فَعَلُوا مَعَهُ مَا يَكْرَهُ أَعْرَضَ عَنْهُمْ.

وَأَمَّا هُوَ فَيَأمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ. [٣٠/ ٣٧٠ - ٣٧١]

* * *


= المال أو العلم لهم: فإن الإحسان عائد إليه، حيث يجد ثمار إحسانه في الدنيا بالبركة في ماله ووقته وأهله، والسعادة والأنس واللذة، وفي الآخرة بالعاقبة الحسنة، والجنة العالية، والأجور الكبيرة.
فهو من المستفيد من إحسانه للناس، ويُحدث له هذا: عدم الشعور بالْمِنّة، والعجب ورؤية العمل.
فلو أنّ تاجرًا صادقًا قال لك: تصدق بما معك من المال للمحتاجين، وسأُعوضك عشرة أضعاف ما تصدقت، فإنك ستبحث عن المحتاج، وإذا وجدته وقبل صدقتك فإنك سترى أنه مُحسن إليك؛ لأنه لولا وجود المحتاجين وقبولهم لصدقتك: لَمَا حصل لك ما وُعدت من المال الكثير.
(١) هكذا في الأصل وجميع النسخ، ويظهر أنها زائدة، ويدل عليه قوله: فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُم مَا يُحبُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>