للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان المجاهد في سبيل اللّه أفضل من الذي ينفق المال، بخلاف المنفق والمعلم.

وكذلك لم يذكر النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- المصلي والصائم والحاج؛ لأن هذه الأعمال لا يحصل منها في العادة من نفع الناس الذي يعظمون به الشخص ويُسَوِّدُونه ما يحصل بالتعليم والإنفاق.

والحسد في الأصل إنما يقع لما يحصل للغير من السؤدد والرياسة، وإلا فالعامل لا يحسد في العادة، ولو كان تنعمه بالأكل والشرب والنكاح أكثر من غيره، بخلاف هذين النوعين فإنهما يحسدان كثيرًا؛ ولهذا يوجد بين أهل العلم الذين لهم أتباع من الحسد ما لا يوجد فيمن ليس كذلك، وكذلك فيمن له أتباع بسبب إنفاق ماله، فهذا ينفع الناس بقوت القلوب وهذا ينفعهم بقوت الأبدان، والناس كلهم محتاجون إلى ما يصلحهم من هذا وهذا.

وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نافس أبا بكر - رضي الله عنه - الإنفاق، كما ثبت في "الصحيح" عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا. قال: فجئت بنصف مالي، قال: فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أبقيت لأهلك؟ " قلت: مثله، وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ما عنده، فقال له رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "ما أبقيت لأهلك؟ " قال: أبقيت لهم اللّه ورسوله فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا (١).

فكان ما فعله عمر من المنافسة والغبطة المباحة، لكن حال الصديق - رضي الله عنه - أفضل منه وهو أنه خال من المنافسة مطلقًا لا ينظر إلى حال غيره. [١٠/ ١١٣ - ١١٧]


(١) رواه أبو داود (١٦٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>