للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذِي يَجِبُ للهِ عَلَيْهِ فِي بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ مِن شُعَبِ الْإِيمَانِ وَحَقَائِقِهِ أَعْظَمَ ضَرَرًا عَلَيْهِ مِمَّا فَعَلَهُ مِن بَعْضِ الْفَوَاحِشِ، فَإنَّ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ مِن حَقَائِقِ الْإِيمَانِ الَّتِي بِهَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مِن الْمُؤمِنِينَ حَقًّا أَعْظَمُ نَفْعًا مِن نَفْعِ تَرْكِ بَعْضِ الذُّنُوبِ الظَّاهِرَةِ كَحُبِّ اللهِ وَرَسُولِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا أَعْظَمُ الْحَسَنَاتِ الْفِعْلِيَّةِ حَتَّى ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَد جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ" (١).

فَنَهَى عَن لَعْنِهِ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الشُّرْبِ لِكوْنِهِ يُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ مَعَ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: "لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا" (٢).

وَلَكِنَّ لَعْنَ الْمُطْلَقِ لَا يَسْتَلْزِمُ لَعْنَ الْمُعَيَّنِ الَّذِي قَامَ بِهِ مَا يَمْنَعُ لُحُوقَ اللَّعْنَةِ لَهُ.

وَكَذَلِكَ "التَّكفِيرُ الْمُطْلَقُ" و"الْوَعِيدُ الْمُطْلَقُ"، وَلهَذَا كَانَ الْوَعِيدُ الْمُطْلَقُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَشْرُوطًا بِثُبُوتِ شُرُوطٍ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعَ. [١٠/ ٣٢٨ - ٣٣٠]

١٠٥٦ - النَّاسُ فِي غَالِب أَحْوَالِهِمْ لَا يَتُوبُونَ تَوْبَةً عَامَّةً، مَعَ حَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ، فَاِنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَة عَلَى كُلِّ عَبْدٍ فِي كُل حَالٍ؛ لِأَنَّهُ دَائِمًا يَظْهَرُ لَهُ مَا فَرَّطَ فِيهِ مِن تَرْكِ مَأْمُورٍ، أَوْ مَا اعْتَدَى فِيهِ مِن فِعْلِ مَحْظُورٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ دَائِمًا. [١٠/ ٢٣٠]

١٠٥٧ - قَالَ طاوس: نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ بَيْتُهُ، يَكُفُّ فِيهِ بَصَرَة وَسَمْعَهُ. [١٠/ ٤٠٥]


(١) رواه البخاري (٦٧٨٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٦٧٤)، وابن ماجه (٣٣٨٠)، والترمذي (١٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>