للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِلتَّوْبَةِ مِن أَحَدِهِمَا أَقْوَى مِن الْمُقْتَضِي لِلتَّوْبَةِ مِن الْآخَرِ، أَو كَانَ الْمَانِعُ مِن أَحَدِهِمَا أَشَدَّ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. [١٠/ ٣٢٠]

١٠٥٣ - التَّوْبَةُ مِن بَعْضِ الذُّنُوبِ دُونَ بَعْضٍ، كَفِعْلِ بَعْضِ الْحَسَنَاتِ الْمَأمُورِ بِهَا دُونَ بَعْضٍ، إذَا لَمْ يَكُن الْمَتْرُوكُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْمَفْعُولِ؛ كَالْإِيمَانِ الْمَشْرُوطِ فِي غَيْرِهِ مِن الْأَعْمَالِ. [١٠/ ٣٢٢ - ٣٢٣]

١٠٥٤ - مَن لَهُ ذُنُوبٌ فَتَابَ مِن بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فَإِنَّ التَّوْبَةَ إنَّمَا تَقْتَضِي مَغْفِرَةَ مَا تَابَ مِنْهُ، أَمَّا مَا لَمْ يَتُبْ مِنْهُ فَهُوَ بَاقٍ فِيهِ عَلَى حُكْمِ مَن لَمْ يَتُبْ، لَا عَلَى حُكمِ مَن تَابَ.

وَمَا عَلِمْت فِي هَذَا نِزَاعًا إلَّا فِي الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ فَإِنَّ إسْلَامَهُ يَتَضَمَّنُ التَّوْبَةَ مِن الْكُفْرِ فَيُغْفَرُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ الْكُفْرُ الَّذِي تَابَ مِنْهُ، وَهَل تُغْفَرُ لَهُ الذُّنُوبُ الَّتِي فَعَلَهَا فِي حَالِ الْكُفْرِ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا فِي الْإِسْلَامِ؟ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ:

(أَحَدُهُمَا) يُغْفَرُ لَهُ الْجَمِيعُ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(وَالْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ إلَّا مَا تَابَ مِنْهُ؛ فَإِذَا أَسْلَمَ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى كَبَائِرَ دُونَ الْكُفْرِ فَحُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ أَمْثَالِهِ مِن أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأصُولُ وَالنُّصُوصُ. [١٠/ ٣٢٣ - ٣٢٤]

١٠٥٥ - "التَّوْبَةُ الْمُطْلَقَةُ": وَهِيَ أَنْ يَتُوبَ تَوْبَةً مُجْمَلَةً وَلَا تُسْتَلْزَمُ التَّوْبَةُ مِن كُلِّ ذَنْبٍ، فَهَذِهِ لَا تُوجِبُ دُخُولَ كُلِّ فَرْدٍ مِن أَفْرَادِ الذُّنُوبِ فِيهَا وَلَا تَمْنَعُ دُخُولَهُ كَاللَّفْظِ الْمُطْلَقِ، لَكِنَّ هَذِهِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِغُفْرَانِ الْمُعَيَّنِ، كَمَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِغُفْرَانِ الْجَمِيعِ؛ بِخِلَافِ الْعَامَّةِ فَإِنَّهَا مُقتَضِيَة لِلْغُفْرَانِ الْعَامِّ كَمَا تَنَاوَلَتْ الذُّنُوبَ تَنَاوُلًا عَامًّا.

وَكَثِيرٌ مِن النَّاسِ لَا يَسْتَحْضِرُ عِنْدَ التَّوْبَةِ إلَّا بَعْضَ الْمُتَّصِفَاتِ بِالْفَاحِشَةِ أَو مُقَدِّمَاتِهَا، أَو بَعْضَ الظُّلْمِ بِاللِّسَانِ أَو الْيَدِ، وَقَد يَكُونُ مَا تَرَكَهُ مِن الْمَأْمُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>