للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٦١ - إِذَا تَابَ الْعَبْدُ وَأَخْرَجَ مِن مَالِهِ صَدَقَةً لِلتَّطَهُّرِ مِن ذَنْبِهِ: كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا مَشْرُوعًا.

وَأمَّا أَنْ يَجْعَلَ مِن جُمْلَةِ التَّوْبَةِ صَنْعَةَ طَعَامٍ وَدَعْوَةً فَهَذَا بِدْعَةٌ، فَمَا زَالَ النَّاسُ يَتُوبُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ مِن غَيْرِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ. [١١/ ٥٥٢ - ٥٥٣]

١٠٦٢ - التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ يَكونُ مِن تَرْكِ مَأْمُورٍ وَمِن فِعْلِ مَحْظُورٍ، فَإنَّ كِلَاهُمَا مِن السَّيِّئَاتِ وَالْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ.

فَإِنَّ جِنْسَ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ أَعْظَمُ مِن جِنْسِ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ، إذ قَد يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَرْكُ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَمَن أَتَى بِالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ لَمْ يُخَلَّدْ فِي النَّارِ وَلَو فَعَلَ مَا فَعَلَ، وَمَن لَمْ يَأتِ بِالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ كَانَ مخَلَّدًا وَلَو كَانَت ذُنُوبُهُ مِن جِهَةِ الْأَفْعَالِ قَلِيلَةً. [١١/ ٦٧١]

١٠٦٣ - تَوْبَةُ الْإِنْسَانِ مِن حَسَنَاتِهِ عَلَى أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتُوبَ وَيَسْتَغْفِرَ مِن تَقْصِيرِهِ فِيهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَتُوبَ مِمَّا كَانَ يَظُنُّهُ حَسَنَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ؛ كَحَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ.

وَالثَّالِثُ: يَتُوبُ مِن إعْجَابِهِ وَرُؤْيَتِهِ أنَّهُ فَعَلَهَا وَأَنَّهَا حَصَلَتْ بِقُوَّتِهِ وَيَنْسَى فَضْلَ اللهِ وَإِحْسَانَهُ وَأَنَّهُ هُوَ الْمُنْعِمُ بِهَا وَهَذِهِ تَوْبَةٌ مِن فِعْلٍ مَذْمُومٍ وَتَرْكِ مَأْمُورٍ (١).

وَلِهَذَا قِيلَ: تَخْلِيصُ الْأَعْمَالِ مِمَّا يُفْسِدُهَا أَشَدُّ عَلَى الْعَامِلِينَ مِن طُولِ الِاجْتِهَادِ.


(١) الرياء والعجب داءان عظيمان يجب الحذر والابتعاد عنهما بالدعاء والتضرع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وبعض الناس قد يقع في العجب وهو لا يشعر، فيقول - بلسان حاله -: أنا أفضل من غيري أو من فلان، أنا أصلي الليل وغيري نائم، أنا أصوم النفل وغيري لا يصوم، إلى غير ذلك من صور الإعجاب بالعمل، وهل ضمن هذا المُعجَبُ المسكينُ أنَّ الله قبل عمله؟
وقد انصرف عن الثناء على الله تعالى ورُؤيةِ مِنَّتِهِ، إلى الثناء على النفس التي لا فضل لها، والعجب يتعارض مع الانكسار والتذلل لله - عَزَّ وَجَل -.

<<  <  ج: ص:  >  >>