وقال الذهبي عنه في الميزان: خبر منكر، كما ضعفه العراقي في تخريج الإحياء والسخاوي في المقاصد الحسنة وابن رجب في جامع العلوم والحكم. (٢) هذا بناءً عليم صحة الحديث، وقد يُستدل لذلك بما ثبت عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوب، فَإِنَّهُنَ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ". وقد ذهب بعضَ العلماء إلى أن الإصرار على الصغيرة لا يصيرها كبيرة، واحتجوا بالنصوص الْمُفَرِّقَةِ بين الكبائر والصغائر، كقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)} [النساء: ٣١]، وكقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم (٢٢٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". قال الشوكاني: "وَقَد قِيلَ: إِنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ، وَلَيْسَ عَلَى هَذَا دَلِيلٌ يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَقَالَةٌ لِبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ. وَقَد رَوَى بَعْضُ مَن لَا يَعْرِفُ عِلْمَ الرِّوَايَةِ هَذَا اللَّفْظَ وَجَعَلَهُ حَدِيثًا وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، بَلِ الْحَقُّ أَنَّ الْإصْرَارَ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ صَغِيرَةٌ وَالْإِصْرَارُ عَلَى الْكَبِيرَةِ كَبِيرَةٌ". اهـ. إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (١٤٦). والذي يظهر لي رجحان هذا القول، وأما حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - فهو ضعيف كما تقدَّم، وعلى فرض صحته فهو محمول على أنَّ الاصرار هو استدامة غير المبالي بحرمات الله، ولا المعظم لأمره ونهيه، وهذا لا ريب أنه من كبائر ذنوب القلوب. وأما حديث: "إياكم ومحقرات الذنوب"؛ فالمقصود بها الذنوب التي يحتقرها صاحبُها، ولا يُبالي بما ارتكبه منها. =