كما أنه قد يقترن بالسيئة من الاستخفاف والإصرار ما يعظمها، فلهذا وجب التوقف في المعين، فلا يقطع بجنة ولا نار إِلَّا ببياني من اللّه، لكن يرجى للمحسن ويخاف على المسيء.
وليس كل من تكلم بالشهادتين كان بهذه المنزلة؛ لأن هذا العبد صاحب البطاقة كان في قلبه من التوحيد واليقين والإخلاص ما أوجب أن عظم قدره حتى صار راجحًا على هذه السيئات.
ومن أجل ذلك صار المُدُّ من الصحابة - رضي الله عنهم - أفضل من مثل جبل أحد ذهبًا من غيرهم.
ومن ذلك حديث البغيّ التي سقت كلبًا فغفر لها؛ فلا يقال في كل بغي سقت كلبًا غفر لها؛ لأن هذه البغي قد حصل لها من الصدق والإخلاص والرحمة بخلق الله ما عادل إثم البغي وزاد عليه ما أوجب المغفرة، والمغفرة تحصل بما يحصل في القلب من الإيمان الذي يعلم الله وحده مقداره وصفته.
وهذا يفتح باب العمل، ويجتهد به العبد أن يأتي بهذه الأعمال وأمثالها من موجبات الرحمة وعزائم المغفرة، ويكون مع ذلك بين الخوف والرجاء، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠)} [المؤمنون: ٦٠]. [المستدرك ١/ ٢٢١ - ٢٢٥، ١/ ٧٩]