للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ رَأَى الْخَضِرَ، وَلَا أَنَّهُ أَتَى إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا أَعْلَمَ وَأَجَل قَدْرًا مِن أَنْ يُلَبِّسُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِم، وَلَكِنْ لَبَّسَ عَلَى كَثِيرٍ مِمَن بَعْدَهُم فَصَارَ يَتَمَثَّلُ لِأَحَدِهِمْ فِي صُورَةِ النَّبِيِّ وَيَقُولُ: أَنَا الْخَضِرُ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان، كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَرَى مَيِّتَهُ خَرَجَ وَجَاءَ إلَيْهِ وَكَلَّمَة فِي أُمُورٍ وَقَضَى حَوَائِجَ فَيَظُنُّهُ الْمَيِّتَ نَفْسَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ تَصَوَّرَ بِصُورَتِهِ. [٢٧/ ١٨ - ١٩]

١١٠٨ - كُلُّ مَن عَبَدَ غَيْرَ اللّهِ فَإِنَّمَا يَعْبُدُ الشَّيْطَانَ، وَإِن كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبيَاءَ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)} [سبأ: ٤٠، ٤١].

وَلهَذَا تَتَمَثَّلُ الشَّيَاطِينُ لِمَن يَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَيُخَاطِبُونَهُمْ، فَيَظُنُّونَ أَنَّ الَّذِي خَاطَبَهُم مَلَكٌ أَو نَبِيٌّ، أَو وَليٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ، جَعَلَ نَفْسَهُ مَلَكًا مِن الْمَلَائِكَةِ. [١٤/ ٢٨٣]

١١٠٩ - الَّذِي فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُمْ (١) يَرَوْنَ الْإِنْسَ مِن حَيْثُ لَا يَرَاهُم الْإِنْسُ (٢)، وَهَذَا حَقٌّ يَقْتَضِي أَنَّهُم يَرَوْنَ الْإِنْسَ فِي حَالٍ لَا يَرَاهُم الْإِنْسُ فِيهَا، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُم لَا يَرَاهُم أَحَدٌ مِن الْإِنْسِ بِحَالٍ؛ بَل قَد يَرَاهُم الصَّالِحُونَ وَغَيْرُ الصَّالِحِينَ أَيْضًا، لَكِنْ لَا يَرَوْنَهُم فِي كلِّ حَالٍ، وَالشَّيَاطِينُ هُم مَرَدَةُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَجَمِيعُ الْجِنِّ وَلَدُ إبْلِيسَ. [١٥/ ٧]

١١١٠ - الشَّيْطَانُ يُرِيدُ مِنَ الْإِنْسَانِ الْإِسْرَافَ فِي أُمُورر كُلِّهَا، فَإِنَّهُ إنْ رَآهُ مَائِلًا إلَى الرَّحْمَةِ زَيَّنَ لَهُ الرَّحْمَةَ، حَتَّى لَا يُبْغِضَ مَا أَبْغَضَهُ اللّهُ، وَلَا يَغَارَ لِمَا يَغَارُ اللّهُ مِنْهُ.


(١) أي: الْجِن.
(٢) كما في قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: ٢٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>