وَقَد ذَكَرَ لِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَن أَعْرِفُهُم أَنَّهُم اسْتَغَاثُوا بِي فَرَأَوْنِي فِي الْهَوَاءِ وَقَد أَتَيْتهمْ وَخَلَّصْتهمْ مِن تِلْكَ الشَّدَائِدِ، مِثْل مَن أَحَاطَ بِهِ النَّصَارَى الْأَرْمَنُ لِيَأخُذُوهُ، وَآخَرُ قَد أَحَاطَ بِهِ الْعَدُوُّ وَمَعَهُ كُتُبٌ مُلَطِّفَاتٌ مِن مُنَاصِحِيْن، لَو اطَّلَعُوا عَلَى مَا مَعَهُ لَقَتَلُوهُ وَنَحْو ذَلِكَ، فَذَكَرْت لَهُم أَنِّي مَا دَرَيْت بِمَا جَرَى أَصْلًا، وَحَلَفْت لَهُم عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا يَظُنُّوا أَنِّي كَتَمْت ذَلِكَ كَمَا تُكْتَمُ الْكَرَامَاتُ، وَأَنَا قَد عَلِمْت أَنَّ الَّذِي فَعَلُوهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ؛ بَل هُوَ شِرْكٌ وَبِدْعَةٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي فِيمَا بَعْدُ وَبَيَّنْت لَهُم أَنَّ هَذِهِ شَيَاطِين تَتَصَوَّرُ عَلَى صُورَةِ الْمُسْتَغَاثِ بِهِ.
وَحَكَى لِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِن أَصْحَابِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ جَرَى لِمَن اسْتَغَاثَ بِهِم مِثْلُ ذَلِكَ، وَحَكَى خَلْقٌ كَثِيرٌ أَنَّهُم اسْتَغَاثُوا بِأَحْيَاء وَأَمْوَاتٍ فَرَأَوْا مِثْل ذَلِكَ، وَاسْتَفَاضَ هَذَا حَتَّى غرِفَ أَنَّ هَذَا مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالشَّيَاطِينُ تُغْوِي الْإِنْسَانَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.
فَإِنْ كَانَ مِمَن لَا يَعْرِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ أَوْقَعَتْهُ فِي الشِّرْكِ الظَّاهِرِ وَالْكُفْرِ الْمَحْضِ فَأمَرَتْهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ اللّهَ وَأَنْ يَسْجُدَ لِلشَّيْطَانِ وَيَذْبَحَ لَهُ وَأَمَرَتْهُ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَالدَّم وَيَفْعَلَ الْفَوَاحِشَ.
وَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ فِيهِ إسْلَامٌ وَدِيَانَةٌ وَلَكِنْ عِنْدَة قِلَّةُ مَعْرِفَةٍ بِحَقِيقَةِ مَا بَعَثَ اللّهُ بِهِ رَسُولَهُ كل وَقَد عَرَفَ مِن حَيْثُ الْجُمْلَةِ أَنَّ لِأَوْليَاءِ اللهِ كَرَامَاتٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ كَمَالَ الْوِلَايَةِ، وَأَنَّهَا الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى وَاتِّباعُ الرُّسُلِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا أَو يَعْرِفُ ذَلِكَ مُجْمَلًا وَلَا يَعْرِفُ مِن حَقَائِقِ الْإِيمَانِ الْبَاطِنِ وَشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ مَا يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الْأَحْوَالِ الرَّحْمَانِيَّةِ وَبَيْنَ النَّفْسَانِيَّةِ والشَّيطانية: أَمَرَتْهُ الشَّيَاطِينُ بِأَمْرٍ لَا يُنْكِرُهُ، فَتَارَةً يَحْمِلُونَ أَحَدَهُم فِي الْهَوَاءِ وَيَقِفُونَ بِهِ بِعَرَفَات ثُمَّ يُعِيدُونَهُ إلَى بَلَدِهِ وَهُوَ لَابِسٌ ثِيَابَهُ لَمْ يَحْرُمْ حِينَ حَاذَى الْمَوَاقِيتِ وَلَا كَشَفَ رَأْسَهُ وَلَا تَجَرَّدَ عَمَّا يَتَجَرَّدُ عَنْهُ الْمُحْرِمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute