للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١١٥ - كُلُّ مَن عَبَدَ عِبَادَةً لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَلَا مُسْتَحَبَّةً وَظَنَّهَا وَاجِبَةً أَو مُسْتَحَبَّةً: فَإِنَّمَا زَيَّنَ ذَلِكَ لَهُ الشَّيْطَانُ. [١٩/ ٤٨]

١١١٦ - إِذَا بَرِئَ الْمُصَابُ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ، وَأَمْرِ الْجِنِّ وَنَهْيِهِمْ وَانْتِهَارِهِمْ وَسَبِّهِم وَلَعْنِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ: حَصَلَ الْمَقْصُودُ.

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ مَرَضَ طَائِفَةٍ مِنَ الْجِنِّ أَو مَوْتَهُم فَهُم الظَّالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَ الرَّاقِي الدَّايِر الْمُعَالِجُ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِم.

وَأَمَّا مَن سَلَكَ فِي دَفْعِ عَدَاوَتهِمْ مَسْلَكَ الْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فَإِنَهُ لَمْ يَظْلِمْهُمْ؛ بَل هُوَ مُطِيعٌ للّهِ وَرَسُولِهِ فِي نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ وَالتَّنْفِيسِ عَنِ الْمَكْرُوبِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شِرْكٌ بِالْخَلْقِ، وَلَا ظُلْمٌ لِلْمَخْلُوقِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا تُؤْذِيهِ الْجِنُّ؛ إمَّا لِمَعْرِفَتِهِمْ بِأَنَّهُ عَادِلٌ، وَإِمَّا لِعَجْزِهِمْ عَنْهُ (١).

وَإِنْ كَانَ الْجِنُّ مِنَ الْعَفَارِيتِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَقَد تُؤْذِيهِ، فَيَنْبَغِي لِمِثْل هَذَا أَنْ يَحْتَرِزَ بِقِرَاءَةِ الْعُوَذِ مِثْل آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالْمُعَوّذَاتِ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُقَوِّي الْإِيمَانَ وَيُجَنِّبُ الذُّنُوبَ الَّتِي بِهَا يُسَلَّطُونَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ، وَهَذَا مِن أَعْظَمِ الْجِهَادِ، فَلْيَحْذَرْ أَنْ يَنْصُرَ الْعَدُوَّ عَلَيْهِ بِذُنُوبِهِ، وَإِن كَانَ الْأَمْرُ فَوْقَ قُدْرَتِهِ فَلَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، فَلَا يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ.

وَمِن أَعْظَمِ مَا يَنْتَصِرُ بِهِ عَلَيْهِم آيَةُ الْكُرْسِيِّ .. فَقَدَ جَرَّبَ الْمُجَربُونَ الَّذِينَ لَا يُحْصَونَ كَثْرَةً أَنَّ لَهَا مِنَ التَّأْثِيرِ فِي دَفْعِ الشَّيَاطِينِ وَإِبْطَالِ أَحْوَالِهِمْ مَا لَا يَنْضَبِطُ مِن كَثْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ، فَإِنَّ لَهَا تَأْثِيرًا عَظِيمًا فِي دَفْعِ الشَّيْطَانِ عَن نَفْسِ


(١) ولهذا لا ينبغي لمن رقى أحدًا أن يخاف من الجن ولو هدّده، فإنه لا يتمكن منه بل ويخاف منه، وكلما قوي إيمان الراقي، وعظم يقينه وتوكله على ربه، واستعمل العدل مع الجن ولم يظلمهم: خافوا منه، وهابوا أن يُؤذوه أو يُؤذوا أحدًا من أهلِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>