للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْإِنْسَانِ، وَعَنِ الْمَصْرُوع، وَعَن مَن تُعِينُهُ الشَّيَاطِينُ، مِثْل أَهْلِ الظُّلْمِ وَالْغَضَبِ وَأَهْلِ الشَّهْوَةِ وَالطَّرَبِ وَأَرْبَاب السَّمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ إذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِم بِصِدْقٍ دَفَعَتْ الشَّيَاطِينَ، وَبَطَلَتِ الْأُمُورُ الَّتِي يُخَيِّلُهَا الشَّيْطَانُ، وَيَبْطُلُ مَا عِنْدَ إخْوَانِ الشَّيَاطِينِ مِن مُكَاشَفَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، وَتَصَرُّفٍ شَيْطَانِيٍّ.

وَالصَّائِلُ الْمُعْتَدِي يَسْتَحِقُّ دَفْعُهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَو كَافِرًا، وَقَد قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَن قُتِلَ دونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَن قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ" (١)، فَإِذَا كَانَ الْمَظْلُومُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَن مَالِ الْمَظْلُومِ وَلَو بِقَتْلِ الصَّائِلِ الْعَادِي، فَكَيْفَ لَا يَدْفَعُ عَن عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ وَحُرْمَتِهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُفْسِدُ عَقْلَهُ وَيُعَاقِبُهُ فِي بَدَنِهِ، وَقَد يَفْعَلُ مَعَهُ فَاحِشَةَ إنْسِيٍّ بِإِنْسِيٍّ، وَإِن لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِالْقَتْلِ جَازَ قَتْلُهُ.

وَلهَذَا قَد يَحْتَاجُ فِي إبْرَاءِ الْمَصْرُوعِ وَدَفْع الْجِنِّ عَنْهُ إلَى الضَّرْبِ فَيُضْرَبُ ضَرْبًا كَثِيرًا جِدًّا، وَالضَّرْبُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْجِنِّيِّ وَلَا يَحُسُّ بِهِ الْمَصْرُوعُ، حَتَّى يَفِيقَ الْمَصْرُوعُ وَيُخْبِرَ أَنَّهُ لَمْ يَحُسَّ بِشَيءٍ مِن ذَلِكَ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي بَدَنِهِ، وَيَكُونُ قَد ضُرِبَ بِعَصَا قَوِيَّةٍ عَلَى رِجْلَيْهِ نَحْو ثَلَاثِمِائَةٍ أَو أَرْبَعِمِائَةِ ضَرْبَةً وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ، بِحَيْثُ لَو كَانَ عَلَى الْإِنْسِيِّ لَقَتَلَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْجِنِّيِّ، وَالْجِنِّيُّ يَصِيحُ وَيَصْرُخُ وَيُحَدِّثُ الْحَاضِرِينَ بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ، كَمَا قَد فَعَلْنَا نَحْنُ هَذَا وَجَرَّبْنَاهُ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً يَطُولُ وَصْفُهَا بِحَضْرَةِ خَلْقٍ كَثِيرِينَ.

وَأَمَّا الِاسْتِعَانَةُ عَلَيْهِم بِمَا يُقَالُ وَيُكْتَبُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ: فَلَا يُشْرَعُ، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ فِيهِ شِرْكٌ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ.

وَعَامَّةُ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعَزَائِمِ فِيهِ شِرْكٌ، وَقَد يَقْرَؤُونَ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَيُظْهِرُونَهُ وَيَكْتُمُونَ مَا يَقُولُونَهُ مِنَ الشِّرْكِ، وَفِي الِاسْتِشْفَاءِ بِمَا شَرَعَهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مَا يُغْنِي عَنِ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ. وَالْمُسْلِمُونَ وَإِن تَنَازَغوا فِي جَوَازِ التَّدَاوِي


(١) رواه الترمذي وصحَّحه (١٤٢١)، وأبو داود (٤٧٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>