بل المقصود أنّ من اجتنب المحرمات الظاهرة والخفية كالحسد وسوء الظن، وقام بالأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة، من محبته لأخيه كما يحب لنفسه، والثقة بالله، والتوكل عليه، واجتنب الشبهات، وعرف مواطن الخير والشر، فعمل بما ينفعه ودعا الناس إليه، واجتنب ما يضرُّه وحذر الناس منه، وصبر على الأذى في الله، فهذا هو العالم الذي خشي الله تعالى، ويلزم من هذا أنْ يكون عنده علمٌ يفرق به بين الخير والشر، والحق والباطل، فأما الذي يعمل الطاعات ويجتنب المعاصي مقلدًا غيره دون معرفةٍ للأدلة، كما هو حال صالحي العوام غالبًا، فلا يُوصف بأنه عالم؛ لأن المقلد لا يُوصف بأنه عالم، ولأنَّ صدور الخطأ والضلال من العُبَّاد كثير، والله أعلم. والخلاصة: العلماء ثلاثة: الأول: عالم بالله ليس عالمًا بامر الله، وهو الذي يعمل بطاعته، ويجتنب معصيته، آخذًا ذلك من الأدلة والنصوص، لا بالتقليد. وهذا هو المقصود الأول من الآية. الثاني: عالم بأمر الله ليس عالمًا بالله، وهو الذي يعلم أمره ونهيه، ويعلم تفاصيل الشريعة بالأدلة، ولكنه قليل العمل بعلمه أو لا يعمل أبدًا. الثالث: عالم بالله عالم بأمر الله. وهو أفضلهم وأكملهم. (٢) (٣٨٤٩).