وَقَد حَدَّثَنِي بَعْضُ الشّيُوخِ الصَّادِقِينَ أَنَّهُ رَأَى فِي جَامِعٍ نَوْعًا مِن الطَّيْرِ قَد بَاضَ، فَأَخَذَ النَّاسُ بَيْضَةً وَجَاءَ بِبَيْضِ جِنْسٍ آخَرَ مِن الطَّيْرِ، فَلَمَّا انْفَقَسَ الْبَيْضُ خَرَجَت الْفِرَاخُ مِن غَيْرِ الْجِنْسِ، فَجَعَلَ الذَّكَرُ يَطْلُبُ جِنْسَهُ حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْهُنَّ عَدَد، فَمَا زَالُوا بِالْأُنْثَى حَتَّى قَتَلُوهَا.
وَمِثْلُ هَذَا مَعْرُوفٌ فِي عَادَةِ الْبَهَائِمِ.
وَالْفَوَاحِشُ مِمَّا اتَّفَقَ أَهْلُ الْأَرْضِ عَلَى اسْتِقْبَاحِهَا وَكَرَاهَتِهَا. [١٥/ ١٤٧]
١١٣٤ - مَعْلُومٌ أَنَّ أَذَى الرَّسُولِ مِن أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنَّ مَن آذَاهُ فَقَد آذَى اللّهَ، وَقَتْلُ سَابِّهِ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ، سَوَاءٌ قِيلَ إنَّهُ قُتِلَ لِكَوْنِهِ رِدَّةً، أَو لِكَوْنِهِ رِدَّةً مُغَلَّظَةً أَوَجَبَتْ أَنْ صَارَ قَتْلُ السَّابِّ حَدًّا مِن الْحُدُودِ. [١٥/ ١٦٩]
١١٣٥ - الْمَعْصِيَة إذَا كَانَت ظَاهِرَةً كَانَت عُقُوبَتُهَا ظَاهِرَةً.
وَلهَذَا لَمْ يَكُن لِلْمُعْلِنِ بِالْبِدَعِ وَالْفُجُورِ غِيْبَةٌ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَن الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَعْلَنَ ذَلِكَ اسْتَحَق عُقُوبَةَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ، وَأَدْنَى ذَلِكَ أَنْ يُذَمَّ عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ وَيَكُفَّ النَّاسُ عَنْهُ وَعَن مُخَالَطَتِهِ، وَلَو لَمْ يُذَمَّ وَيُذْكَرْ بِمَا فِيهِ مِن الْفُجُورِ وَالْمَعْصِيَةِ أَو الْبِدْعَةِ لَاغْتَرَّ بِهِ النَاسُ، وَرُبَّمَا حَمَلَ بَعْضَهُم عَلَى أَنْ يَرْتَكِبَ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَيَزْدَادَ أَيْضا هُوَ جُرْأَةً وَفُجُورًا وَمَعَاصِيًا، فَإِذَا ذكِرَ بِمَا فِيهِ انْكفَّ وَانْكَفَّ كَيْرُهُ عَن ذَلِكَ وَعَن صُحْبَتِهِ وَمُخَالَطَتِهِ.
والْفُجُورُ: اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مُتَجَاهِرٍ بِمَعْصيَةٍ أَو كَلَامٍ قَبِيحٍ يَدُلُّ السَّامِعَ لَهُ عَلَى فُجُورِ قَلْبِ قَائِلِهِ. [١٥/ ٢٨٦]
١١٣٦ - لَا يَظُن الظَّانُّ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ اسْتِمْتَاعٌ بِمُحَرَّم يَسْكُنُ بَلَاؤُهُ؛ بَل ذَلِكَ يُوجِبُ لَهُ انْزِعَاجًا عَظِيمًا، وَزِيادَةً فِي الْبَلَاءِ، وَالْمَرَضِ فِي الْمَآلِ، فَإِنَّهُ وَإِن سَكَنَ بَلَاؤُهُ، وَهَدَأَ مَا بِهِ عَقِيبَ اسْتِمْتَاعِهِ، أَعْقَبَهُ ذَلِكَ مَرضًا عَظِيمًا عَسِيرًا لَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ؛ بَل الْوَاجِبُ دَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرينِ بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا قَبْلَ اسْتِحْكَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute