للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَفْسَدَتَهُ كَنَظَائِرِهِ (١). [٢٠/ ١٩٥]

١١٤٧ - إنَّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا ظُلُمٌ: فَإِمَّا ظُلْمُ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ فَقَطْ، أَو ظُلْمُهُ مَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ.

فَمَا كَانَ مِن ظُلْمِ الْغَيْرِ: فَلَا بُدَّ انْ يَشْرَعَ مِن عُقُوبَتِهِ مَا يَدْفَعُ بِهِ ظُلْمَ الظَّالِمِ عَن الدِّينِ وَالدُّنْيَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)} [الحج: ٣٩]، فَجَعَلَ السَّبَبَ الْمُبِيحَ لِعُقُوبَةِ الْغَيْرِ الَّتِي هِيَ قِتَالُهُ: {بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}.

وَقَالَ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)} [البقرة: ١٩٣] [البقرة: ١٩٣] فَبَيَّنَ أَنَّ الظَّالِمَ يُعْتَدَى عَلَيْهِ؛ أَيْ: بِتَجَاوُزِ الْحَدِّ الْمُطْلَقِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْعُقُوبَةُ، وَهَذَا عُدْوَانٌ جَائِزٌ كَمَا قَالَ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤].

وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ هَذَا لَيْسَ بِعُدْوَان فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ عُدْوَانًا عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ كَمَا قَالُوا مِثْل ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]: لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْعُدْوَانَ الْمُطْلَقَ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ الْمُطْلَقِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ إلَّا إذَا اعْتَدَى، فَيُتَجَاوَزُ الْحَدِّ فِي حَقِّهِ بِقَدْرِ تَجَاوُزِهِ.

وَالسَّيِّئَةُ: اسْمٌ لِمَا يَسُوءُ الْإِنْسَانَ؛ فَإِنَّ الْمَصَائِبَ وَالْعُقُوبَاتِ تُسَمَّى سَيِّئَةً فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِن كِتَابِ اللهِ تَعَالَى. [٢٨/ ١٨٢ - ١٨٣]

١١٤٨ - الْكَذِبُ عَلَى الشَّخْصِ حَرَامٌ كُلُّهُ، سَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ مُسْلِمًا أَو كَافِرًا، بَرًّا أَو فَاجِرًا، لَكِنَّ الِافْتِرَاءَ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَشَدُّ؛ بَل الْكَذِبُ كُلُّهُ حَرَامٌ.

وَلَكِنْ تُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ الشَّرْعِيَّةِ: "الْمَعَارِيضُ"، وَقَد تُسَمَّى كَذِبًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ؛ يَعْنِي بِهِ: الْمُتَكَلّمُ مَعْنًى، وَذَلِكَ الْمَعْنَى يُرِيدُ أَنْ يَفْهَمُهُ الْمُخَاطِبُ، فَإِذَا


(١) كاستثناء تحريم لبس الحرير لمن به حكة، واستثناء بيع العرايا من تحريم الربا.

<<  <  ج: ص:  >  >>