للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا﴾ وهو في خمسة مواضع هنا و «الأعراف» و «الإسراء» و «الكهف» و «طه» (١)؛ فأبو جعفر من رواية ابن جمّاز ومن غير طريق هبة الله وغيره عن ابن وردان بضم التّاء حالة الوصل في الخمسة اتباعا لضمة الجيم ولم يعتد بالسّاكن، ووافقه الشّنبوذي وروى هبة الله وغيره عن عيسى عن ابن وردان إشمام كسرتها الضّم، وصحّح في (النّشر) الوجهين عن ابن وردان (٢)، وأمّا قول الزجاج: "هذا غلط من أبي جعفر" (٣)، وقول الفارسي: "هذا خطأ" (٤)، قال ابن جني: "لأنّ كسرة التّاء كسرة إعراب، وإنّما يجوز هذا الذي ذهب إليه أبو جعفر إذا كان ما قبل الهمزة ساكنا صحيحا نحو ﴿وَقالَتِ اُخْرُجْ﴾ (٥) " انتهى، وقول الزّمخشري: "لا يجوز استهلاك الحركة الإعرابية بحركة الإتباع إلاّ في لغة ضعيفة كقراءة ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ﴾ " (٦)، فأجاب عنه أبو حيّان بأنّه: "إذا كان في لغة ضعيفة، وقد نقل أنّها لغة أزد شنوءة فلا ينبغي أن يخطّئ الفارسي القارئ ولا يغلّطة الزجاج، والقارئ بها أحد القرّاء المشاهير الذين أخذوا القرآن عن ابن عباس وغيره من الصّحابة، وهو شيخ نافع أحد القرّاء السّبعة، وقد علّل ضم التّاء بالتّشبيه بألف الوصل، ووجه التّشبيه أنّ الهمزة تسقط في الدّرج لكونها ليست بأصل، والتّاء في الملائكة تسقط أيضا لأنّها ليست بأصل، ألا تراهم قالوا: الملائك؟، وقد ضمّت لأنّ العرب تكره الضّمّة بعد الكسرة لثقلها" (٧)،


(١) البقرة: ٣٤، الأعراف: ١١، الإسراء: ٦١، الكهف: ٥٠، طه: ١١٦، النشر ٢/ ٢١١، مصطلح الإشارات: ١٣٩، إيضاح الرموز: ٢٦٩، المبهج ١/ ٤٥٨.
(٢) النشر ٢/ ٢١١.
(٣) قال في معاني القرآن ١/ ١١٢: "وقرأ أبو جعفر المدني وحده «للملائكة اسجدوا» بالضم، وأبو جعفر من جلّة أهل المدينة وأهل الثّبت في القراءة إلاّ أنه غلط في هذا الحرف، لأن «الملائكة» في موضع خفض فلا يجوز أن يرفع المخفوض، ولكنه شبّه تاء التأنيث بكسر ألف الوصل لأنك إذا ابتدأت قلت:" اسجدوا "، وليس ينبغي أن يقرأ القرآن بتوهم غير الصواب".
(٤) الحجة ٢/ ٧.
(٥) يوسف: ٣١، المحتسب ١/ ٧١.
(٦) الكشاف ١/ ١٥٦.
(٧) البحر المحيط ١/ ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>