للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلاّ الحسن فجمع «الحج» و «سبأ» و «الأنبياء»، ولم يختلف في توحيد ما ليس فيه ألف ولام، وفي مصحف حفصة في «البقرة»، و «وتصريف الأرواح» (١).

ثمّ إنّ هذه المواضع المختلف فيها:

منها: ما المراد به الجمع كموضع «البقرة» و «الشريعة» أي ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ﴾ (٢) جنوبا (٣) ودبورا وشمالا (٤).

ومنها: ما المراد به التّوحيد كموضع «الأعراف» و «الفرقان» وغيرهما، فوجه قراءة التّوحيد في مواضع التّوحيد الحقيقة، وفي مواضع الجمع أنّه جنس فمعناه الجمع كقولهم: "جاءت الريح من كلّ مكان"، ووجه قراءة الجمع في موضع الجمع الحقيقة، وفي موضع التّوحيد اعتبار التّكرر والصفات من كونها حارّة وباردة وعاصفة ولينة، ورحمة وعذابا، ووجه التّخصيص التنبيه على جواز الأمرين مع اتباع الأثر، انتهى ملخصا من شرح الجعبري (٥).

والريح جسم لطيف شفاف غير مرئي، ومن آياته: ما جعل الله فيه من القوة التي تقلع الأشجار، وتعفي الآثار، وتهدم الدّيار، وتهلك الكفار، وتربية الزرع وتنميته واشتداده بها، وسوق السحاب إلى البلد الماحل، وجاءت في القرآن مجموعة مع الرّحمة، مفردة مع العذاب إلاّ في «يونس» ﴿وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ (٦)، وفي الحديث:

"اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا" (٧)، قال ابن عطية: "لأنّ ريح العذاب شديدة


(١) البقرة: ١٦٤، البحر المحيط ١/ ٤٦٧، معجم القراءات ٢/ ٢٢٤.
(٢) البقرة: ١٦٤، الجاثية: ٥.
(٣) ريح الجنوب الجهة المقابلة للشمال وريح تهب منها، ويقال: ريحهما جنوب إذا كانا متصافيين، جمعه جنائبن، المعجم الوسيط ١/ ١٣٨.
(٤) بكسر الشين وفتحها، الريح التي تهب من جهة الشمال، المعجم الوسيط ١/ ٥١٤.
(٥) كنز المعاني ٣/ ١١٨٨.
(٦) يونس: ٢٢، البحر المحيط ٢/ ٨١.
(٧) أخرجه الطبراني في الكبير ١١/ ٢١٣ (١١٥٣٣)، وأبو يعلى في المسند ٤/ ٣٤١ (٢٤٥٦) -

<<  <  ج: ص:  >  >>